مَعْشَرٍ، قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الَّذِي حَجَّ بِالنَّاسِ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقِيلَ ابْنُهُ يَزِيدُ بْنُ هِشَامٍ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ ومائة ففيها غزا مسلمة بن هشام الروم فافتتح مطامير وهو حصن، وافتتح مروان بن محمد بلاد صاحب الذهب، وأخذ قِلَاعَهُ وَخَرَّبَ أَرْضَهُ، فَأَذْعَنَ لَهُ بِالْجِزْيَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِأَلْفِ رَأْسٍ يُؤَدِّيهَا إِلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ رَهْنًا عَلَى ذَلِكَ.

وَفِيهَا فِي صَفَرٍ قُتِلَ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ أبي طالب، الذي تنسب إِلَيْهِ الطَّائِفَةُ الزَّيْدِيَّةُ، فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ، وَقَالَ هشام الْكَلْبِيِّ: إِنَّمَا قُتِلَ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ سَاقَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ سَبَبَ مَقْتَلِهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ تبعاً للواقدي، وهو أن زيداً هذا وفد عَلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ هَلْ أَوْدَعَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ (?) عِنْدَكَ مَالًا؟ فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: كَيْفَ يُودِعُنِي مَالًا وَهُوَ يَشْتُمُ آبَائِي عَلَى مِنْبَرِهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ؟ فَأَحْلَفَهُ أَنَّهُ مَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ شَيْئًا، فَأَمَرَ يُوسُفُ بن عمر باحضار خالد بن السجن فجئ بِهِ فِي عَبَاءَةٍ، فَقَالَ: أَنْتَ أَوْدَعْتَ هَذَا شَيْئًا نَسْتَخْلِصُهُ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا، وَكَيْفَ وَأَنَا أشتم أباه كل جمعة؟ فتركه عُمَرَ وَأَعْلَمَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ فَعَفَا عَنْ ذَلِكَ، وَيُقَالُ بَلِ اسْتَحْضَرَهُمْ فَحَلَفُوا بِمَا حَلَفُوا.

ثُمَّ أنَّ طَائِفَةً مِنَ الشِّيعَةِ الْتَفَّتْ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَكَانُوا نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَنَهَاهُ بَعْضُ النُّصَحَاءِ عَنِ الْخُرُوجِ، وَهُوَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّ جَدَّكَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَقَدِ الْتَفَّتْ عَلَى بَيْعَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ثَمَانُونَ أَلْفًا، ثُمَّ خَانُوهُ أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَيْهِمْ، وَإِنِّي أُحَذِّرُكَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

فَلَمْ يَقْبَلْ بَلِ اسْتَمَرَّ يُبَايِعُ

النَّاسَ فِي الْبَاطِنِ في الكوفة، عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وسنَّة رَسُولِهِ حَتَّى اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ بِهَا فِي الْبَاطِنِ، وَهُوَ يَتَحَوَّلُ مِنْ مَنْزِلٍ إِلَى مَنْزِلٍ، وَمَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَكَانَ فِيهَا مَقْتَلُهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا.

وَفِيهَا غَزَا نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ غَزَوَاتٍ مُتَعَدِّدَةً فِي الترك، وأسر ملكهم كور صول فِي بَعْضِ تِلْكَ الْحُرُوبِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، فلما تيقنه وتحققه، سأل منه كور صول أَنْ يُطْلِقَهُ عَلَى أَنْ يُرْسِلَ لَهُ أَلْفَ (?) بَعِيرٍ مِنْ إِبِلِ التُّرْكِ - وَهِيَ الْبَخَاتِيُّ - وَأَلْفَ بِرْذَوْنٍ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ جِدًّا، فَشَاوَرَ نَصْرٌ مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنَ الْأُمَرَاءِ فِي ذلك، فمنهم من أشار بإطلاقه، ومنهم من أشار بقتله.

ثم سأله نصر بن سياركم غَزَوْتَ مِنْ غَزْوَةٍ؟ فَقَالَ: ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ غَزْوَةً، فَقَالَ لَهُ نَصْرٌ: مَا مِثْلُكَ يُطْلَقُ، وَقَدْ شَهِدْتَ هَذَا كُلَّهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَصَلَبَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ جَيْشَهُ مِنْ قَتْلِهِ بَاتُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ يَجْعَرُونَ وَيَبْكُونَ عَلَيْهِ، وَجَذُّوا لِحَاهُمْ وَشُعُورَهُمْ وَقَطَّعُوا آذَانَهُمْ وَحَرَّقُوا خِيَامًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015