ويألف الظل كي تبقى بشاشته * فكيف يسكن يوماً راغماً جدثا قفراء موحشة غبراء مظلمةٍ * يطيل تحت الثرى من قعرها اللبثا وقد ذكرها ابن أبي الدنيا فعمر أنشدها عنه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وكان عمر يتمثل بها كثيراً ويبكي.
وقال الفضل بن عباس الحلبي: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَجِفُّ فُوهُ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ:
وَلَا خَيْرَ فِي عَيْشِ امْرِئٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ * مِنَ اللَّهِ فِي دَارِ الْقَرَارِ نَصِيبُ وَزَادَ غَيْرُهُ مَعَهُ بَيْتًا حَسَنًا وَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنْ تُعجبْ الدُّنْيَا أُنَاسًا فَإِنَّهَا * متاعٌ قليلٌ وَالزَّوَالُ قَرِيبُ وَمِنْ شَعْرِهِ الَّذِي أَنْشَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَنَا مَيْتٌ وَعَزَّ مَنْ لَا يَمُوتُ * قَدْ تَيَقَّنْتُ أَنَّنِي سَأَمُوتُ لَيْسَ ملكٌ يُزِيلُهُ الْمَوْتُ مُلْكًا * إِنَّمَا الملكُ ملكَ مَنْ لَا يَمُوتُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العزيز يقول: تسر بما يفنى وَتَفْرَحُ بِالْمُنَى * كَمَا اغْتَرَّ بِاللَّذَّاتِ فِي النَّوْمِ حَالِمُ (?) نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سهوٌ وغفلةٌ * وَلَيْلُكَ نَوْمٌ وَالرَّدَى لَكَ لازمٌ وَسَعْيكُ فِيمَا سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ * كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تَعِيشُ الْبَهَائِمُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عبد العزيز يلوم نفسه: أَيَقِظَانُ أَنْتَ الْيَوْمَ أَمْ أَنْتَ نَائِمُ * وَكَيْفَ يطبق النَّوْمَ حَيْرَانُ هَائِمُ فَلَوْ كَنْتَ يَقْظَانَ الْغَدَاةَ لحرّقت * محاجر (?) عينيك الدموع السواجم اصْبَحْتَ فِي النَّوْمِ الطَّوِيلِ وَقَدْ دَنَتْ * إِلَيْكَ أمور مفظعات عظائم وتكدح (?) فِيمَا سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ * كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تعيش البهائم