مَاتَ فِيهِ، فَهَرَبَ مِنَ السِّجْنِ وَهُوَ مَرِيضٌ، وَعَلِمَ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ، وَبِذَلِكَ كَتَبَ إِلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَظُنُّهُ كَانَ عَالِمًا أن عمر قد سقى سماً.

وفيها فِي رَمَضَانَ مِنْهَا عَزَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَّاحَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيَّ عَنْ إِمْرَةِ خُرَاسَانَ، بَعْدَ سَنَةٍ وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنَّمَا عَزَلَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنَ الْكُفَّارِ وَيَقُولُ: أَنْتُمْ إِنَّمَا تُسْلِمُونَ فِرَارًا مِنْهَا (?) .

فَامْتَنَعُوا مِنَ الْإِسْلَامِ وَثَبَتُوا عَلَى دِينِهِمْ وَأَدَّوُا الْجِزْيَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إنَّ اللَّهَ إنَّما بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاعِيًا، وَلَمْ يَبْعَثْهُ جَابِيًا.

وَعَزَلَهُ وَوَلَّى بَدَلَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ نُعَيْمٍ الْقُشَيْرِيَّ عَلَى

الْحَرْبِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْخَرَاجِ.

وَفِيهَا كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُمَّالِهِ (?) يَأْمُرُهُمْ بِالْخَيْرِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الشَّرِّ، وَيُبَيِّنُ لَهُمُ الْحَقَّ وَيُوَضِّحُهُ لهم ويعظمهم فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَيُخَوِّفُهُمْ بَأْسَ اللَّهِ وَانْتِقَامَهُ، وكان فِيمَا كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نُعَيْمٍ القشيري: أما بعد فكن عبد الله نَاصِحًا لِلَّهِ فِي عِبَادِهِ، وَلَا تَأْخُذْكَ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، فَإِنَّ اللَّهَ أَوْلَى بِكَ مِنَ النَّاسِ، وَحَقَّهُ عَلَيْكَ أَعْظَمُ، وَلَا تُوَلِّيَنَّ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا الْمَعْرُوفَ بِالنَّصِيحَةِ لهم، والتوفير عليهم.

وأدَّى الْأَمَانَةِ فِيمَا اسْتُرْعِيَ، وَإِيَّاكَ أَنْ يَكُونَ مَيْلُكَ مَيْلًا إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَلَا تَذْهَبَنَّ عَنِ اللَّهِ مَذْهَبًا، فَإِنَّهُ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ.

وَكَتَبَ مِثْلَ ذَلِكَ مَوَاعِظَ كَثِيرَةً إِلَى الْعُمَّالِ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ: إِنَّ لِلْإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا، مَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الْإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أمت فما أنا على صحبتكم بحريص.

بدو دعوة بني العباس

وفيها كَانَ بُدُوُّ دَعْوَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - وَكَانَ مُقِيمًا بِأَرْضِ الشُّرَاةِ (?) - بَعَثَ مِنْ جِهَتِهِ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ مَيْسَرَةُ، إِلَى الْعِرَاقِ، وَأَرْسَلَ طَائِفَةً أُخْرَى: وَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ خُنَيس وَأَبُو عِكْرِمَةَ السَّرَّاجُ، وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، وَحَيَّانُ الْعَطَّارُ - خَالُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَلَمَةَ - إِلَى خُرَاسَانَ، وَعَلَيْهَا يَوْمئِذٍ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ قَبْلَ أَنْ يُعْزَلَ فِي رَمَضَانَ، وَأَمَرَهُمْ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ وَإِلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، فَلَقُوا مَنْ لَقُوا ثُمَّ انْصَرَفُوا بِكُتُبِ مَنِ اسْتَجَابَ مِنْهُمْ إِلَى مَيْسَرَةَ الَّذِي بِالْعِرَاقِ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى محمد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015