والمقصود أن عيسى ينزل على المنارة الشرقية بدمشق، والبلد محصور محصن من الدجال،
فينزل على المنارة - وَهِيَ هَذِهِ الْمَنَارَةُ الْمَبْنِيَّةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ أموال النَّصارى (?) - ثُمَّ يَكُونُ نُزُولُ عِيسَى حَتْفًا لَهُمْ وَهَلَاكًا وَدَمَارًا عَلَيْهِمْ، يَنْزِلُ بَيْنَ مَلَكَيْنِ وَاضِعًا يَدَيْهِ على مناكبهما، وعليه مهروذتان، وفي رواية ممصرنان (?) يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ، وذلك وقت الفجر، فينزل على الْمَنَارَةِ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ بِدِمَشْقَ، وَهُوَ هَذَا الْجَامِعُ.
وَمَا وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ النَّواس بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيُّ: فَيَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، كَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَرْوِيٌّ بِالْمَعْنَى بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ الرَّاوِي، وَإِنَّمَا هُوَ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الشَّرقية بِدِمَشْقَ، وَقَدْ أُخْبِرْتُ ولم أقف عليه إلى الْآنَ أنَّه كَذَلِكَ، فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ هَذَا الحديث، في بعض المصنفات، والله المسؤول الْمَأْمُولُ أَنْ يُوَفِّقَنِي فَيُوقِفَنِي عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَلَيْسَ فِي الْبَلَدِ مَنَارَةٌ تُعْرَفُ بِالشَّرْقِيَّةِ سِوَى هَذِهِ، وَهِيَ بَيْضَاءُ بِنَفْسِهَا، وَلَا يُعْرَفُ فِي بِلَادِ الشَّامِ مَنَارَةٌ أَحْسَنُ مِنْهَا، وَلَا أَبْهَى ولا أعلى منها، ولله الحمد والمنة.
قلت: نزول عيسى على المنارة التي بالجامع الأموي غير مستنكر، وذلك أن البلاء بالدجال يكون قد عم فينحصر الناس داخل البلد، ويحصرهم الدجال بها، ولا يتخلف أحد عن دخول البلد إلا أن يكون متبعاً للدجال، أو مأسوراً معه، فإن دمشق في آخر الزمان تكون معقل المسلمين وحصنهم من الدجال، فإذا كان الأمر كذلك فمن يصلي خارج البلد، والمسلمون كلهم داخل البلد، وعيسى إنما ينزل وقد أقيمت الصلاة فيصلي مع المسلمين، ثم يأخذهم ويطلب الدجال ليقتله، وبعض العوام يقول: إن المراد بالمنارة الشرقية بدمشق، منارة مسجد بلاشو، خارج باب شرقي.
وبعضهم يقول: المنارة التي على نفس باب شرقي.
فالله أعلم بمراد رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ سبحانه العالم بكل شئ، المحيط بكل شئ، القادر على كل شئ، القاهر فوق كل شئ، لا يعزب عن علمه مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الأرض.
الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِرَأْسِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقَدٍ قَالَ: وَكَّلَنِي الْوَلِيدُ عَلَى العمال في بناء جامع دمشق، فوجدنا مَغَارَةً فَعَرَّفْنَا الْوَلِيدَ ذَلِكَ، فلمَّا كَانَ اللَّيْلُ وَافَانَا وَبَيْنَ يَدَيْهِ الشَّمْعُ، فَنَزَلَ فَإِذَا هِيَ كنيسة