عبد الملك مدينة في بلاد الروم، ثم حرقها ثم بناها بعد ذلك بعشر سنين، وفيها افتتح محمد بن القاسم مدينة المولينا (?) من بلاد الْهِنْدِ، وَأَخَذَ مِنْهَا أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَفِيهَا قَدِمَ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ مِنْ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ وَمَعَهُ الْأَمْوَالُ عَلَى الْعَجَلِ تُحْمَلُ مِنْ كَثْرَتِهَا، وَمَعَهُ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَأْسٍ مِنَ السَّبْيِ، وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ بِلَادَ الشَّاشِ، فَفَتَحَ مُدُنًا وَأَقَالِيمَ كَثِيرَةً، فَلَمَّا كَانَ هُنَاكَ جَاءَهُ الْخَبَرُ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ فَقَمَعَهُ ذَلِكَ وَرَجَعَ بِالنَّاسِ إِلَى مَدِينَةِ مَرْوَ وَتَمَثَّلَ بِقَوْلِ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ: لَعَمْرِي لَنِعْمَ الْمَرْءُ مِنْ آلِ جَعْفَرٍ * بِحَوْرَانَ أَمْسَى أَعْلَقَتْهُ الْحَبَائِلُ فَإِنْ تحي لا أملك (?) حَيَاتِي وَإِنْ تَمُتْ * فَمَا فِي حَيَاتِي بَعْدَ مَوْتِكَ طَائِلُ وَفِيهَا كَتَبَ الْوَلِيدُ إِلَى قُتَيْبَةَ بِأَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مُنَاجَزَةِ الْأَعْدَاءِ، وَيَعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَجْزِيهِ خَيْرًا، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا صَنَعَ مِنَ الْجِهَادِ وَفَتْحِ الْبِلَادِ وَقِتَالِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ.
وَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ اسْتَخْلَفَ عَلَى الصَّلَاةِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ، فَوَلَّى الْوَلِيدُ الصَّلَاةَ وَالْحَرْبَ بِالْمِصْرَيْنِ - الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ - يَزِيدَ بْنَ أَبِي كَبْشَةَ، وَوَلَّى خَرَاجَهُمَا يَزِيدَ بن مسلم، وقيل كان الحجاج يَسْتَخْلِفُهُمَا عَلَى ذَلِكَ فَأَقَرَّهُمَا الْوَلِيدُ، وَاسْتَمَرَّ سَائِرُ نُوَّابِ الْحَجَّاجِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ.
وَكَانَتْ وَفَاةُ الْحَجَّاجِ لِخَمْسٍ، وَقِيلَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَقِيلَ مَاتَ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَهُ أَبُو مَعْشَرٍ وَالْوَاقِدِيُّ.
وَفِيهَا قُتِلَ الْوَضَّاحِيُّ بِأَرْضِ الرُّومِ وَمَعَهُ أَلْفٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ مَوْلِدُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ.
وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ وَذِكْرُ وفاته
هو الحجاج بن يوسف (?) بْنِ أَبِي عَقِيلِ بْنِ (?) مَسْعُودِ بْنِ عَامِرِ بْنُ مُعَتِّبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ، وَهُوَ قَسِيُّ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقفي، سَمِعَ
ابْنَ عبَّاس وَرَوَى عَنْ أَنَسٍ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، وَرَوَى عَنْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَثَابِتٌ البناني، وحميد الطويل، ومالك بن دينار، وجواد بْنُ مُجَالِدٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ.
قَالَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، قَالَ: وَكَانَتْ له بدمشق دور منها دار الراوية بِقُرْبِ قَصْرِ ابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ، وَوَلَّاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحِجَازَ فَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْهَا وَوَلَّاهُ الْعِرَاقَ.
وَقَدِمَ دِمَشْقَ وَافِدًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ الْمُغِيرَةِ بن مسلم، سمعت أبي يقول: خطبنا