وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِنَ الْأُمَرَاءِ مِنْهُمْ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَتَلَهُ شَبِيبٌ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الْمُخْتَارِ، فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ مَكَانَهُ لِحَرْبِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَشْعَثِ، فَلَمْ يُقَابِلْ شَبِيبًا وَرَجَعَ، فَوَجَّهَ مَكَانَهُ عثمان بن قطن الحارثي، فالتقوا في أواخر السَّنَةِ فَقُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ قَطَنٍ وَانْهَزَمَتْ جُمُوعُهُ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ سِتُّمِائَةِ نَفْسٍ، فَمِنْ أَعْيَانِهِمْ عَقِيلُ بْنُ شَدَّادٍ السَّلُولِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ نَهِيكٍ الْكِنْدِيُّ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ شَبِيبٍ وَتَزَلْزَلَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَالْحَجَّاجُ وَسَائِرُ الْأُمَرَاءِ وَخَافَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْهُ خَوْفًا شَدِيدًا، فَبَعَثَ لَهُ جَيْشًا مِنْ أَهْلِ الشَّام فَقَدِمُوا فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ، وَإِنَّ ما مع شبيب شر ذمة قليلة (?) ، وقد ملأ قلوب الناس رعباً ووجرت خُطُوبٌ كَثِيرَةٌ لَهُ مَعَهُمْ، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ وَدَأْبَهُمْ حَتَّى اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ نَقَشَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَهُوَ أول من نقشها.
وقال الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: اخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ ضَرَبَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ الْمَنْقُوشَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَكَانَتِ الدَّنَانِيرُ والدراهم رومية وكسروية، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَكَانَ نَقْشُهُ لَهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَضُرِبَتْ فِي الْآفَاقِ سَنَةَ سِتَّةٍ وَسَبْعِينَ (?) ، وَذَكَرَ أَنَّهُ ضُرِبَ عَلَى الْجَانِبِ الْوَاحِدِ مِنْهَا اللَّهُ أَحَدٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ اللَّهُ الصَّمَدُ، قَالَ: وَحَكَى يَحْيَى بْنُ النُّعْمَانِ الْغِفَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبير عَنْ أَمْرِ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير، سنة سبعين على ضرب الأكاسرة، عليها الملك من جانب، والله مِنْ جَانِبٍ، ثُمَّ غَيَّرَهَا الْحَجَّاجُ وَكَتَبَ اسْمَهُ عَلَيْهَا مِنْ جَانِبٍ (?) ، ثُمَّ خَلَّصَهَا بَعْدَهُ يُوسُفُ (?) بْنُ هُبَيْرَةَ فِي أيَّام يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثمَّ خَلَّصَهَا أَجْوَدَ مِنْهَا
خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ فِي أَيَّامِ هِشَامٍ، ثُمَّ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ أَجْوَدَ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ، وَلِذَلِكَ كَانَ الْمَنْصُورُ لَا يَقْبَلُ مِنْهَا إِلَّا الْهُبَيْرِيَّةَ، وَالْخَالِدِيَّةَ وَالْيُوسُفِيَّةَ وَذَكَرَ إنَّه قَدْ كَانَ لِلنَّاسِ نقود مختلفة منها الدراهم