رَجُلٌ: لَعَنَهُ اللَّهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ".
سودة بن زَمْعَةَ الْقُرَشِيَّةُ الْعَامِرِيَّةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، تَزَوَّجَهَا رَسُولُ الله بَعْدَ خَدِيجَةَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ السَّكْرَانِ بْنِ عمر وأخي سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَلَمَّا كَبِرَتْ هَمَّ رَسُولُ الله بِطَلَاقِهَا، وَيُقَالُ إِنَّهُ طَلَّقَهَا، فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُبْقِيَهَا فِي نِسَائِهِ وَتَهَبَ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ، فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أنزل اللَّهُ: * (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً) * الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 128] ، وَكَانَتْ ذَاتَ عِبَادَةٍ وَوَرَعٍ وَزَهَادَةٍ، قالت عائشة: ما من امرأة أحب إليّ أن أكون في مسلاخها غير أَنَّ فِيهَا حِدَّةً تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ.
ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَفَاتُهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: تُوُفِّيَتْ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سنة خمس وخمسين فيها عزل معاوية عبد الله بْنِ غَيْلَانَ عَنِ الْبَصْرَةِ وَوَلَّى عَلَيْهَا عُبَيْدَ الله بن زياد (?) ، وكان سبب عزل معاوية بن غيلان عن البصرة أنَّه كَانَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَحَصَبَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهِ، فَجَاءَ قَوْمُهُ إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ مَتَى بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّكَ قَطَعْتَ يَدَهُ فِي هَذَا الصُّنْعِ فَعَلَ بِهِ وَبِقَوْمِهِ نَظِيرَ مَا فَعَلَ بِحُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ، فَاكْتُبْ لَنَا كِتَابًا أَنَّكَ قَطَعْتَ يَدَهُ فِي شُبْهَةٍ، فَكَتَبَ لَهُمْ فَتَرَكُوهُ عِنْدَهُمْ حيناً ثم جاؤوا مُعَاوِيَةَ فَقَالُوا لَهُ: إِنْ نَائِبَكَ قَطَعَ يَدَ صاحبنا في شبهة فأقدنا منه، قال: لَا سَبِيلَ إِلَى الْقَوْدِ مِنْ نُوَّابِي وَلَكِنِ الدية، فأعطاهم الدية وَعَزَلَ ابْنَ غَيْلَانَ، وَقَالَ لَهُمُ: اخْتَارُوا مَنْ تريدون، فَذَكَرُوا رِجَالًا فَقَالَ: لَا! وَلَكِنْ أُوَلِّي عَلَيْكُمُ ابْنَ أَخِي عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ،
فَوَلَّاهُ فَاسْتَخْلَفَ ابْنُ زِيَادٍ عَلَى خُرَاسَانَ أَسْلَمَ بْنَ زُرْعَةَ (?) ، فَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يَفْتَحْ شَيْئًا، وَوَلَّى قَضَاءَ الْبَصْرَةِ لِزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ثُمَّ عَزَلَهُ وولى ابن أذينة، وولى شرطتها عبد الله بن الحصين.
وحج بالناس في السَّنَةِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ نَائِبُ الْمَدِينَةِ.
وَفِيهَا عَزَلَ مُعَاوِيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ عَنْ الْكُوفَةِ وَوَلَّى عَلَيْهَا الضَّحَّاكَ بْنَ قيس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ذِكْرِ مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الأعيان في هذه السنة أرقم بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، أسلم قديماً، يقال سابع سبعة، وكانت