أَسْلَمَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَكَ أَجْرُ ذَلِكَ إِذْ مَنَّ الله عليكم بِالْإِسْلَامِ ".
وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ أَوَّلُ مَا أَحْيَى المؤودة أَنَّهُ ذَهَبَ فِي طَلَبِ نَاقَتَيْنِ شَرَدَتَا لَهُ، قال: فبينما أنا في الليل أسير، إذ أنا بنار تضئ مَرَّةً وَتَخْبُو أُخْرَى.
فَجَعَلْتُ لَا أَهْتَدِي إِلَيْهَا، فَقُلْتُ: اللَّهم لَكَ عَلَيَّ إِنْ أَوْصَلْتَنِي إِلَيْهَا أَنْ أَدْفَعَ عَنْ أَهْلِهَا ضَيْمًا إِنْ وَجَدْتُهُ بِهِمْ، قَالَ فَوَصَلْتُ إِلَيْهَا وَإِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ يُوقِدُ نَارًا وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مُجْتَمِعَاتٌ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ: إِنَّ هَذِهِ امْرَأَةٌ قَدْ حَبَسَتْنَا مُنْذُ ثَلَاثٍ، تَطْلَقُ وَلَمْ تَخْلُصْ، فَقَالَ الشَّيْخُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ: وَمَا خَبَرُكَ؟ فَقُلْتُ: إِنِّي فِي طلب ناقتين ندّتا لِي، فَقَالَ: قَدْ وَجَدْتُهُمَا، إِنَّهُمَا لَفِي إِبِلِنَا، قَالَ فَنَزَلْتُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ نَزَلْتُ إِذْ قُلْنَ: وَضَعَتْ، فَقَالَ الشَّيْخُ: إِنْ كَانَ ذَكَرًا فَارْتَحِلُوا، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَا تُسْمِعْنَنِي صَوْتَهَا، فَقُلْتُ: عَلَامَ تَقْتُلُ وَلَدَكَ وَرِزْقُهُ عَلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي بِهَا، فَقُلْتُ: أَنَا أَفْتَدِيهَا مِنْكَ وَأَتْرُكُهَا عِنْدَكَ حَتَّى تَبِينَ عَنْكَ
أَوْ تَمُوتَ.
قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْتُ.
بِإِحْدَى نَاقَتَيَّ، قَالَ: لَا! قُلْتُ فَبِهِمَا، قَالَ: لَا: إِلَّا أَنَّ تَزِيدَنِي بَعِيرَكَ هَذَا فَإِنِّي أَرَاهُ شَابًّا حَسَنَ اللَّوْنِ، قُلْتُ: نَعَمْ عَلَى أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى أَهْلِي، قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِمْ رَأَيْتُ أَنَّ الَّذِي صَنَعْتُهُ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ مِنْ بِهَا عَلَيَّ هَدَانِي إِلَيْهَا، فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَجِدَ مَوْءُودَةً إِلَّا افْتَدَيْتُهَا كَمَا افْتَدَيْتُ هَذِهِ، قَالَ: فَمَا جَاءَ الْإِسْلَامُ حَتَّى أَحْيَيْتُ مِائَةَ مَوْءُودَةٍ إِلَّا أَرْبَعًا (?) ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْمَشَاهِيرِ الْمَذْكُورِينَ جَبَلَةُ بْنُ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيُّ مَلِكُ نَصَارَى الْعَرَبِ وَهُوَ جَبَلَةُ بْنُ الْأَيْهَمِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، وَاسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَهُوَ ابْنُ مَارِيَةَ ذَاتِ الْقُرْطَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بن جفنة، واسمه كعب أبو عَامِرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ، وَمَارِيَةُ بِنْتُ أَرْقَمَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جفنة، ويقال غير ذلك في نسبه، وكنيته جَبَلَةَ أَبُو الْمُنْذِرِ الْغَسَّانِيُّ الْجَفْنِيُّ، وَكَانَ مَلِكُ غَسَّانَ، وَهُمْ نَصَارَى الْعَرَبِ أَيَّامَ هِرَقْلَ، وَغَسَّانُ أَوْلَادُ عَمِّ الْأَنْصَارِ أَوْسِهَا وَخَزْرَجِهَا، وَكَانَ جَبَلَةُ آخِرَ مُلُوكِ غَسَّانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم كتاب مَعَ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ بِإِسْلَامِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال ابن عساكر: إِنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ قَطُّ، وَهَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الواحدي وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: شَهِدَ الْيَرْمُوكَ مَعَ الرُّومِ أَيَّامَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ، فاتفق أنه وطئ رداء رجل من مزينة بدمشق فلطمه ذلك المزني، فدفعه أَصْحَابُ جَبَلَةَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فَقَالُوا: هَذَا لطم جبلة، قال أبو عبيدة: فيلطمه جبلة: فقالوا: أو ما يقتل؟ قال