الثَّدْيِ عَلَيْهَا شَعَرَاتٌ طِوَالٌ عُقْفٌ، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ عَلِيًّا جَزِعَ جَزَعًا أَشَدَّ مِنْ جَزَعِهِ يَوْمَئِذٍ، فَقَالُوا: مَا نَجِدُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَقَالَ: وَيْلَكُمُ مَا اسْمُ هَذَا الْمَكَانِ؟ قَالُوا: النَهْرَوَانُ، قَالَ: كَذَبْتُمْ إِنَّهُ لفيهم، فثورنا القتلى فلم نجده فعندنا إليه فقلنا: يا أمير المؤمنين ما نجده، قَالَ: مَا اسْمُ هَذَا الْمَكَانِ؟ قُلْنَا: النَّهْرَوَانُ، قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَكَذَبْتُمْ، إِنَّهُ
لَفِيهِمْ فالتمسوه فَوَجَدْنَاهُ فِي سَاقِيَةٍ فَجِئْنَا بِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى عَضُدِهِ لَيْسَ فِيهَا عَظْمٌ وَعَلَيْهَا كَحَلَمَةِ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا شَعَرَاتٌ طِوَالٌ عُقْفٌ.
طَرِيقٌ أُخْرَى قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ، ثنا أبو كثر مَوْلَى الْأَنْصَارِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَيِّدِي مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَيْثُ قُتِلَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ، فَكَأَنَّ النَّاسَ وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ قَتْلِهِمْ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قد حَدَّثَنَا بِأَقْوَامٍ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُونَ فِيهِ أَبَدًا حَتَّى يَرْجِعَ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ (?) ، وَإِنَّ آيَةَ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا أَسْوَدَ مُخْدَجَ الْيَدِ إِحْدَى يَدَيْهِ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ، لَهَا حَلَمَةٌ كَحَلَمَةِ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، حَوْلَهُ سَبْعُ هَلَبَاتٍ فَالْتَمِسُوهُ فإني أراه فيهم، فالتمسوه فوجده إِلَى شَفِيرِ النَّهْرِ تَحْتَ الْقَتْلَى فَأَخْرَجُوهُ فَكَبَّرَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ! صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنَّهُ لَمُتَقَلِّدٌ قَوْسًا لَهُ عَرَبِيَّةً فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ فجعل يطعن بها في مخدجته ويقول: صدر اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
وَكَبَّرَ النَّاسُ حِينَ رَأَوْهُ وَاسْتَبْشَرُوا وَذَهَبَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَجِدُونَ " (?) تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.
طَرِيقٌ أُخْرَى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ ثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي أَبُو مَرْيَمَ ثَنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إِنَّ قَوْمًا يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ، عَلَامَتُهُمْ رَجُلٌ مخدج " وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: إِنْ كَانَ ذَاكَ الْمُخْدَجُ لَمَعَنَا يومئذٍ فِي المسجد نجالسه الليل وَالنَّهَارِ، وَكَانَ فَقِيرًا، وَرَأَيْتُهُ مَعَ الْمَسَاكِينِ يَشْهَدُ طَعَامَ عَلِيٍّ مَعَ النَّاسِ، وَقَدْ كَسَوْتُهُ بُرْنُسًا لِي، قَالَ أَبُو مَرْيَمَ: وَكَانَ الْمُخْدَجُ يُسَمَّى نافعاً ذا الثدية، ودان فِي يَدِهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ عَلَى رَأْسِهِ حَلَمَةٌ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ مِثْلُ سبالة السنور (?) .