أراد الانصراف أطلقهم، وكان مثلهم أو قريب منهم في يد معاوية وكان قد عزم على قتلهم لظنه أنَّه قد قتل أسراهم، فلما جاءه أُولَئِكَ الَّذِينَ أَطْلَقَهُمْ أَطْلَقَ مُعَاوِيَةُ الَّذِينَ فِي يَدِهِ، وَيُقَالُ إِنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بن أوس - من الأزد - كَانَ مِنَ الْأُسَارَى فَأَرَادَ مُعَاوِيَةُ قَتْلَهَ فَقَالَ: امْنُنْ عَلَيَّ فَإِنَّكَ خَالِي، فَقَالَ: وَيْحَكَ! مِنْ أَيْنَ أَنَا خَالُكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَا ابْنُهَا (?) وَأَنْتَ أَخُوهَا وأنت خَالِي، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ وَأَطْلَقَهُ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ - وَذَكَرَ أَهْلَ صِفِّينَ - فَقَالَ: كَانُوا عَرَبًا يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا في الجاهلية فالتقوا في الإسلام معهم على الحمية وسنة الْإِسْلَامِ، فَتَصَابَرُوا وَاسْتَحْيَوْا مِنَ الْفِرَارِ، وَكَانُوا إِذَا تَحَاجَزُوا دَخَلَ هَؤُلَاءِ فِي عَسْكَرِ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ فِي عَسْكَرِ هَؤُلَاءِ، فَيَسْتَخْرِجُونَ قَتْلَاهُمْ فَيَدْفِنُوهُمْ.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: هُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فلم يفر أحد من أحد.

خُرُوجِ الْخَوَارِجِ

وَذَلِكَ أَنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ مَرَّ عَلَى مَلَأٍ مَنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَرَأَ عليهم الكتاب فقام إليه عروة بن أذينة (?) وهي أمه وهو عروة بن جرير مِنْ بَنِي رَبِيعَةَ بْنِ حَنْظَلَةَ وَهُوَ أَخُو أبي (?) بلال بن مرداس بن جرير فَقَالَ: أَتُحَكِّمُونَ فِي دِينِ اللَّهِ الرِّجَالَ؟ ثُمَّ ضرب بسيفه عجز دابة الأشعث بن قيس،

فَغَضِبِ الْأَشْعَثُ وَقَوْمُهُ، وَجَاءَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ وجماعة من رؤسائهم يعتذرون إلى الأشعث بن قيس مِنْ ذَلِكَ، قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: وَالْخَوَارِجُ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ حَكَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بن وهب الراسبي.

قلت: وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَقَدْ أَخَذَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ طَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ مِنَ القراء وقالوا: لا حكم إِلَّا لِلَّهِ، فَسُمُّوا الْمُحَكِّمِيَّةَ (?) وَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى بلادهم من صفين، وخرج معاوية إلى دمشق بأصحابه، ورجع علي إلى الكوفة على طريق هيت فلما دخل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015