وَأَمَرَهُ بِهِ وَأَمَرَنَا بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَدَّى إِلَيْنَا كُلَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، ثُمَّ مَضَى وَتَرَكَنَا عَلَى الْوَاضِحَةِ، وَكَانَ مِمَّا أَمَرَنَا بِهِ الْإِعْذَارُ إِلَى النَّاسِ، فَنَحْنُ نَدْعُوكُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَمَنْ أَجَابَنَا إِلَيْهِ فَمِثْلُنَا، وَمَنْ لَمْ يُجِبْنَا عَرَضْنَا عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ وَبَذَلْنَا لَهُ الْمَنَعَةَ، وَقَدْ أَعْلَمَنَا أَنَّا مُفْتَتِحُوكُمْ، وَأَوْصَانَا بِكُمْ حِفْظًا لِرَحِمِنَا مِنْكُمْ، وَأَنَّ لَكُمْ إِنْ أَجَبْتُمُونَا بِذَلِكَ ذِمَّةً إِلَى ذِمَّةٍ.

وَمِمَّا عَهِدَ إِلَيْنَا أَمِيرُنَا اسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِيِّينَ خَيْرًا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَانَا بِالْقِبْطِيِّينَ خَيْرًا، لِأَنَّ لَهُمْ رَحِمًا وَذِمَّةً.

فَقَالُوا: قَرَابَةٌ بَعِيدَةٌ لَا يَصِلُ مِثْلَهَا إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ مَعْرُوفَةٌ شريفة، كانت ابنة ملكنا وكانت من هل مَنْفَ وَالْمُلْكُ فِيهِمْ فَأُدِيلَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ عَيْنِ شَمْسٍ فَقَتَلُوهُمْ وَسَلَبُوهُمْ مُلْكَهُمْ وَاغْتَرَبُوا فَلِذَلِكَ صَارَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا.

أمَّنَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكَ، فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّ مِثْلِي لَا يُخْدَعُ وَلَكِنِّي أُؤَجِّلُكُمَا ثَلَاثًا لِتَنْظُرُوا ولتناظرا قومكما وإلا ناجزتكم.

قالا: زدا، فَزَادَهُمْ يَوْمًا، فَقَالَا: زِدْنَا.

فَزَادَهُمْ يَوْمًا.

فَرَجَعَا إِلَى الْمُقَوْقِسِ فَأَبَى أَرْطَبُونُ أَنْ يُجِيبَهُمَا وَأَمَرَ بمناهدتهم، فقالا لِأَهْلِ مِصْرَ: أَمَّا نَحْنُ فَسَنَجْتَهِدُ أَنْ نَدْفَعَ عَنْكُمْ وَلَا نَرْجِعَ إِلَيْهِمْ.

وَقَدْ بَقِيَتْ أَرْبَعَةُ أيام قاتلوا وَأَشَارَ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُبَيِّتُوا الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ: مَا تُقَاتِلُونَ مِنْ قَوْمٍ قَتَلُوا كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَغَلَبُوهُمْ عَلَى بِلَادِهِمْ.

فَأَلَحَّ الْأَرْطَبُونُ فِي أن يبيتوا للمسلمين ففعلوا فلم يظفروا بشئ بَلْ قُتِلَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْأَرْطَبُونُ (?) ، وَحَاصَرَ

الْمُسْلِمُونَ عَيْنَ شَمْسٍ (?) مِنْ مِصْرَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ.

وَارْتَقَى الزُّبَيْرُ عَلَيْهِمْ سُورَ الْبَلَدِ (?) ، فَلَمَّا أَحَسُّوا بِذَلِكَ خَرَجُوا إِلَى عَمْرٍو مِنَ الْبَابِ الْآخَرِ فَصَالَحُوهُ وَاخْتَرَقَ الزُّبَيْرُ الْبَلَدَ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي عَلَيْهِ عَمْرٌو فَأَمْضَوُا الصُّلْحَ وَكَتَبَ لَهُمْ عَمْرٌو كِتَابَ أَمَانٍ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: هَذَا مَا أَعْطَى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَهْلَ مِصْرَ مِنَ الْأَمَانِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَمِلَّتِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ وَصُلُبِهِمْ وَبَرِّهِمْ وَبَحْرِهِمْ لَا يدخل عليهم شئ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُنْتَقَصُ وَلَا يُسَاكِنُهُمُ النُّوبَةُ، وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى هَذَا الصُّلْحِ وَانْتَهَتْ زِيَادَةُ نَهْرِهِمْ خمسين ألف ألف وعليهم ما حق لصونهم، فَإِنْ أَبَى أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُجِيبَ رُفِعَ عَنْهُمْ مِنَ الْجَزَاءِ بِقَدْرِهِمْ، وَذِمَّتُنَا مِمَّنْ أَبَى بريئة.

وإن نقص نهرهم من غايته رُفِعَ عَنْهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَمَنْ دَخَلَ فِي صُلْحِهِمْ مِنَ الرُّومِ وَالنُّوبَةِ، فَلَهُ مِثْلُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْهِمْ، وَمَنْ أَبَى وَاخْتَارَ الذَّهَابَ فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ أو يخرج من سلطاننا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015