وخيطوه وأعيروني ثوباً أو قَمِيصًا.

فَأُتِيَ بِقَمِيصِ كَتَّانٍ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: كَتَّانٌ.

قَالَ: وَمَا

الْكَتَّانُ؟ فَأَخْبَرُوهُ فَنَزَعَ قَمِيصَهُ فَغُسِلَ وَرُقِّعَ وَأُتِيَ بِهِ فَنَزْعَ قَمِيصَهُمْ وَلَبِسَ قَمِيصَهُ.

فَقَالَ لَهُ الْجَلَوْمَسُ: أَنْتَ مِلْكُ الْعَرَبِ وَهَذِهِ بِلَادٌ لَا تَصْلُحُ بِهَا الْإِبِلُ، فلو لبست شيئاً غير هذا وركبت برذوناً لكان ذلك أعظم في أعين الروم.

فقال: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نطلب بغير الله بديلاً.

فأتي ببرذون فطرح عليه قطيفة بلا سرج ولا رحل فركبه بها فقال: احبسوا احبسوا، ما كنت أرى الناس يركبون الشيطان قبل هذا فَأُتِيَ بِجَمَلِهِ فَرَكِبَهُ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصفار: حدثنا سعد أن بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ الطَّائِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ عَرَضَتْ لَهُ مَخَاضَةٌ فَنَزَلَ عَنْ بَعِيرِهِ وَنَزَعَ مُوقَيْهِ فأمسكهما بيد، وَخَاضَ الْمَاءَ وَمَعَهُ بَعِيرُهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَدْ صَنَعْتَ الْيَوْمَ صَنِيعًا عَظِيمًا عِنْدَ أَهْلِ الْأَرْضِ، صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَصَكَّ في صدره وقال: أولو غَيْرُكَ يَقُولُهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَذَلَّ النَّاسِ وَأَحْقَرَ النَّاسِ وَأَقَلَّ النَّاسِ، فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَمَهْمَا تَطْلُبُوا الْعِزَّ بِغَيْرِهِ يُذِلَّكُمُ الله.

[أيام بُرس وبابل وكوثى] قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ - كَانَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفَارِسَ وَقَعَاتٌ فِي قَوْلِ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالْوَاقِدِيُّ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَعَاتٍ كَثِيرَةً كَانَتْ بَيْنَهُمْ، وَذَلِكَ حِينَ بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَأَنْ يُخَلِّفَ النِّسَاءَ وَالْعِيَالَ بِالْعَقِيقِ (?) فِي خَيْلٍ كَثِيرَةٍ كَثِيفَةٍ، فلما تفرغ سعد من الْقَادِسِيَّةِ بَعَثَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ زُهْرَةَ بْنَ حَوِيَّةَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِالْأُمَرَاءِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، ثُمَّ سَارَ فِي الْجُيُوشِ وَقَدْ جَعَلَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى خِلَافَتِهِ مَكَانَ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، وَجَعَلَ خَالِدًا هَذَا عَلَى السَّاقَةِ، فَسَارُوا فِي خُيُولٍ عَظِيمَةٍ، وَسِلَاحٍ كَثِيرٍ، وَذَلِكَ لِأَيَّامٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَنَزَلُوا الْكُوفَةَ وَارْتَحَلَ زُهْرَةُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ نحو المدائن (?) ، فلقيه بها يصبهرى فِي جَيْشٍ مِنْ فَارِسَ فَهَزَمَهُمْ زُهْرَةُ وَذَهَبَتِ الْفُرْسُ فِي هَزِيمَتِهِمْ إِلَى بَابِلَ وَبِهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِمَّنِ انْهَزَمَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ قَدْ جَعَلُوا عَلَيْهِمُ الْفَيْرُزَانَ، فَبَعَثَ زُهْرَةُ إِلَى سَعْدٍ فَأَعْلَمَهُ بِاجْتِمَاعِ الْمُنْهَزِمِينَ بِبَابِلَ، فَسَارَ سَعْدٌ

بِالْجُيُوشِ إِلَى بَابِلَ، فَتَقَابَلَ هُوَ وَالْفَيْرُزَانُ عِنْدَ بَابِلَ فَهَزَمَهُمْ كَأَسْرَعِ مِنْ لَفَّةِ الرِّدَاءِ، وَانْهَزَمُوا بَيْنَ يَدَيْهِ فِرْقَتَيْنِ فَفِرْقَةٌ ذَهَبَتْ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَأُخْرَى سَارَتْ إِلَى نَهَاوَنْدَ (?) ، وَأَقَامَ سَعْدٌ بِبَابِلَ أَيَّامًا ثُمَّ سار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015