[فغلبه على خراذيله] (?) ، عجزت النِّساء أن يلدن مِثْلَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ.

ثُمَّ جَرَتْ أُمُورٌ طَوِيلَةٌ لِخَالِدٍ فِي أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ يملُّ سَمَاعُهَا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَكِلُّ وَلَا يَمَلُّ ولا يهن ولا يحزن، بل كلَّما لَهُ فِي قوةٍ وصرامةٍ وشدَّةٍ وشهامةٍ، وَمِثْلُ هذا إنَّما خلقه الله عزَّاً لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَذُلًّا لِلْكُفْرِ وَشَتَاتَ شَمْلِهِ.

فصل

فصل ثمَّ سار خالد فنزل الخورنق والسدِّير بالنجف وبثَّ سراياه هاهنا وهاهنا، يُحَاصِرُونَ الْحُصُونَ مِنَ الْحِيرَةِ وَيَسْتَنْزِلُونَ أَهْلَهَا قَسْرًا وقهراً، وصلحاً ويسراً، وكان في جملة ما نَزَلَ بالصُّلح قَوْمٌ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ فِيهِمُ ابْنُ بُقَيْلَةَ المتقدِّم ذِكْرُهُ، وَكَتَبَ لِأَهْلِ الْحِيرَةِ كتاب أمان، فكان الذي راوده عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْمَسِيحِ بْنِ بُقَيْلَةَ (?) وَوَجَدَ خَالِدٌ مَعَهُ كِيسًا، فَقَالَ: مَا فِي هَذَا؟ - وَفَتَحَهُ خَالِدٌ فَوَجَدَ فِيهِ شَيْئًا -، فَقَالَ ابْنُ بُقَيْلَةَ:: هُوَ سمُّ سَاعَةٍ، فَقَالَ: وَلِمَ اسْتَصْحَبْتَهُ مَعَكَ؟ فَقَالَ حَتَّى إِذَا رَأَيْتُ مَكْرُوهًا فِي قَوْمِي أَكَلْتُهُ فَالْمَوْتُ أحبُّ إليَّ مِنْ ذَلِكَ، فَأَخَذَهُ خَالِدٌ فِي يَدِهِ وَقَالَ: إنَّه لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَى أَجَلِهَا، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الْأَسْمَاءِ، رَبِّ الْأَرْضِ والسَّماء، الَّذِي لَيْسَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ دَاءٌ، الرَّحمن الرَّحيم، قَالَ: وَأَهْوَى إِلَيْهِ الْأُمَرَاءُ لِيَمْنَعُوهُ مِنْهُ فَبَادَرَهُمْ فَابْتَلَعَهُ، فلمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ بُقَيْلَةَ قَالَ: وَاللَّهِ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ لتملكنَّ مَا أَرَدْتُمْ مَا دَامَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَهْلِ الْحِيرَةِ فَقَالَ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ أَوْضَحَ إِقْبَالًا مِنْ هَذَا، ثمَّ دَعَاهُمْ وَسَأَلُوا خَالِدًا الصُّلح فَصَالَحَهُمْ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا بالصُّلح (?) ، وَأَخَذَ مِنْهُمْ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَاجِلَةً، وَلَمْ يَكُنْ صَالَحَهُمْ حَتَّى سلَّموا كَرَامَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمَسِيحِ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ يُقَالُ لَهُ شُوَيْلٌ (?) ، وَذَلِكَ أنَّه لَمَّا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم قُصُورَ الْحِيرَةِ كأنَّ شُرَفَهَا أَنْيَابُ الْكِلَابِ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَبْ لِيَ ابْنَةَ بُقَيْلَةَ، فَقَالَ: هِيَ لَكَ، فلمَّا فُتِحَتِ ادَّعاها شُوَيْلٌ وشهد له اثنين مِنَ الصَّحابة، فَامْتَنَعُوا مِنْ تَسْلِيمِهَا إِلَيْهِ وَقَالُوا: مَا تُرِيدُ إِلَى امْرَأَةٍ ابْنَةِ ثَمَانِينَ سَنَةً؟ فقالت لقومها: إدفعوني إليه فإني سأفتدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015