فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ فَقَالَ * (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) * [الزمر: 30] وَقَالَ: * (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) * [الأنبياء: 34] وَقَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ * (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ، وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) * [آل عمران: 144] فَمَنْ كَانَ إنَّما يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كان إنَّما يعبد الله [وحده] فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَلَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ، حَافِظٌ لِأَمْرِهِ، مُنْتَقِمٌ مِنْ عدوِّه.
وإنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحَظِّكُمْ وَنَصِيبِكُمْ وَمَا جَاءَكُمْ بِهِ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ تَهْتَدُوا بِهُدَاهُ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِدِينِ اللَّهِ، فإنَّ كلَّ مَنْ لَمْ يَهْدِهِ اللَّهُ ضال، وَكُلَّ مَنْ لَمْ يُعِنْهُ اللَّهُ
مَخْذُولٌ، وَمَنْ هداه غير الله كَانَ ضَالًّا (?) ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى * (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِدًا) * [الكهف: 17] ولن يقبل له في الدُّنيا عمل حتى يقربه، وَلَمْ يُقْبَلْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ أقرَّ بِالْإِسْلَامِ، وَعَمِلَ بِهِ، اغْتِرَارًا بِاللَّهِ وَجَهْلًا بِأَمْرِهِ، وَإِجَابَةً للشَّيطان، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: * (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) * [الكهف: 50] قال: * (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يدعوه حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) * [فاطر: 6] وَإِنِّي بعثت إليكم فِي جَيْشٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، والتَّابعين بِإِحْسَانٍ، وَأَمَرْتُهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا الْإِيمَانَ بِاللَّهِ، وَلَا يَقْتُلُهُ حَتَّى يَدْعُوَهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ أَجَابَ وأقرَّ وَعَمِلَ صَالَحَا قبلَ مِنْهُ، وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَبَى حاربه عليه حتى يفئ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، ثمَّ لَا يُبْقِي عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يحرِّقهم بالنَّار وَأَنْ يَقْتُلَهُمْ كُلَّ قِتْلَةٍ، وَأَنْ يَسْبِيَ النِّساء والذَّراري وَلَا يَقْبَلَ مَنْ أَحَدٍ غَيْرَ الْإِسْلَامِ، فَمَنِ اتَّبعه فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَنْ يُعْجِزَ اللَّهَ، وَقَدْ أَمَرْتُ رَسُولِي أَنْ يَقْرَأَ كِتَابَهُ فِي كُلِّ مَجْمَعٍ لَكُمْ، والدَّاعية الْأَذَانُ فَإِذَا أذَّن الْمُسْلِمُونَ فكفُّوا عَنْهُمْ، وَإِنْ لم يؤذِّنوا فَسَلُوهُمْ مَا عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَبَوْا عَاجِلُوهُمْ، وَإِنْ أقرُّوا حمل منهم عَلَى مَا يَنْبَغِي لَهُمْ (?) * رَوَاهُ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.
فَصْلٌ فِي مَسِيرَةِ الْأُمَرَاءَ مِنْ ذِي القصَّة عَلَى مَا عُوهِدُوا عَلَيْهِ وَكَانَ سيِّد الْأُمَرَاءِ ورأس الشُّجعان الصَّناديد أَبُو سُلَيْمَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ * رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ، أنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّديق لمَّا عَقَدَ لِخَالِدِ بن الوليد عل قتال أهل الردة،