حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ.
وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ " (?) .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهَا دَعَتْهُ إِلَيْهَا وَحَرَصَتْ عَلَى ذَلِكَ أَشَدَّ الْحِرْصِ فَقَالَ (مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي) يَعْنِي زَوْجَهَا صَاحِبَ الْمَنْزِلِ سَيِّدِي (أَحْسَنَ مَثْوَايَ) أَيْ أَحْسَنَ إليَّ وَأَكْرَمَ مُقَامِي عِنْدَهُ (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى قَوْلِهِ (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمَقْنَعٌ فِي التَّفْسِيرِ (?) .
وَأَكْثَرُ أقوال المفسرين ههنا مُتَلَقًّى مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ أَوْلَى بِنَا * وَالَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَصَمَهُ وَبَرَّأَهُ وَنَزَّهَهُ عَنِ الْفَاحِشَةِ وَحَمَاهُ عَنْهَا وَصَانَهُ مِنْهَا * وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ.
وَاسْتَبَقَا الْبَابَ) أَيْ هَرَبَ مِنْهَا طَالِبًا إِلَى الْبَابِ لِيَخْرُجَ مِنْهُ فِرَارًا مِنْهَا فَاتَّبَعَتْهُ فِي أَثَرِهِ (وَأَلْفَيَا) أَيْ وَجَدَا (سَيِّدَهَا) أَيْ زَوْجَهَا لَدَى الْبَابِ فبدرته بِالْكَلَامِ وَحَرَّضَتْهُ عَلَيْهِ (قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .
اتَّهَمَتْهُ وَهِيَ الْمُتَّهَمَةُ وَبَرَّأَتْ عِرْضَهَا وَنَزَّهَتْ سَاحَتَهَا فَلِهَذَا قَالَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) احْتَاجَ إِلَى أَنْ يَقُولَ الْحَقَّ عِنْدَ الْحَاجَةِ (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا) قِيلَ كَانَ صَغِيرًا فِي الْمَهْدِ قَالَهُ ابْنُ عبَّاس * وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهِلَالِ بْنِ يَسَافٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَرَوَى فِيهِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَوَقَفَهُ غَيْرُهُ عَنْهُ * وَقِيلَ كَانَ رَجُلًا قَرِيبًا إِلَى أَطْفِيرَ بَعْلِهَا.
وَقِيلَ قَرِيبًا إِلَيْهَا * وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ رَجُلًا ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فَقَالَ (إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) أَيْ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ رَاوَدَهَا فَدَافَعَتْهُ حَتَّى قَدَّتْ مُقَدَّمَ قَمِيصِهِ (وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أَيْ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ هَرَبَ مِنْهَا فَاتَّبَعَتْهُ وَتَعَلَّقَتْ فِيهِ فَانْشَقَّ قَمِيصُهُ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ كَانَ.
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى (فَلَمَّا رَأَى قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) أَيْ هَذَا الَّذِي جَرَى مِنْ
مَكْرِكُنَّ أَنْتِ (?) رَاوَدْتِهِ عَنْ نَفْسِهِ * ثُمَّ اتَّهَمْتِهِ بِالْبَاطِلِ ثُمَّ ضرب بَعْلُهَا عَنْ هَذَا صَفْحًا فَقَالَ (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا) أَيْ لَا تَذْكُرُهُ لِأَحَدٍ لِأَنَّ كِتْمَانَ مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ هُوَ الْأَلْيَقُ وَالْأَحْسَنُ وَأَمَرَهَا بِالِاسْتِغْفَارِ لِذَنْبِهَا الَّذِي صَدَرَ مِنْهَا وَالتَّوْبَةِ إِلَى رَبِّهَا فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَابَ إِلَى اللَّهِ تَابَ الله عليه.