ثمَّ فِتْنَةً، ثمَّ هُدْنَةً بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ والرُّوم، وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ فِيمَا بَعْدُ (?) * وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: إنَّكم سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فإنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا، فَإِذَا رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا.
قَالَ: فمرَّ بِرَبِيعَةَ وعبد الرحمن بن شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا (?) - يَعْنِي دِيَارَ مِصْرَ عَلَى يَدَيْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ كَمَا سيأتي * وروى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ واللَّيث عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا افْتَتَحْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذمة ورحماً * رواه البيهقيّ من حديث إسحاق بْنِ رَاشِدٍ (?) عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ * وَحَكَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ (?) عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ذِمَّةً وَرَحِمًا، فَقَالَ: مِنَ النَّاس مَنْ قَالَ: إنَّ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ - هَاجَرَ - كَانَتْ قِبْطِيَّةً، وَمِنَ النَّاس مَنْ قَالَ: أُمُّ إِبْرَاهِيمَ قُلْتُ: الصَّحيح الَّذِي لَا شكَّ فيه أنهما
قبطيتان كما قدَّمنا ذَلِكَ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ذِمَّةً، يَعْنِي بِذَلِكَ هَدِيَّةَ الْمُقَوْقِسِ إِلَيْهِ وَقَبُولَهُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَذَلِكَ نَوْعٌ ذِمَامٍ وَمُهَادَنَةٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ * وتقدَّم مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي فَتْحِ كُنُوزِ كِسْرَى وَانْتِشَارِ الْأَمْنِ، وَفَيَضَانِ الْمَالِ حتَّى لَا يَتَقَبَّلَهُ أَحَدٌ، وَفِي الْحَدِيثِ أنَّ عَدِيًّا شَهِدَ الْفَتْحَ وَرَأَى الظَّعينة تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ إِلَى مَكَّةَ لَا تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، قَالَ: وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ كَثْرَةِ الْمَالِ حتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ * قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (?) ، قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَأَخِّرًا إِلَى زَمَنِ الْمَهْدِيِّ كَمَا جَاءَ فِي صِفَتِهِ، أَوْ إِلَى زَمَنِ نُزُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ قَتْلِهِ الدَّجال، فإنَّه قد ورد في الصَّحيح أنه يقتل الخنزيز، وَيَكْسِرُ الصَّليب، وَيَفِيضُ الْمَالُ حتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ * وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا يَزَالُ هَذَا الدِّين قَائِمًا مَا كَانَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ، ثمَّ يُخْرِجُ كذَّابون بَيْنَ يَدَيِ السَّاعة، وليفتحنَّ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَنْزَ الْقَصْرِ الْأَبْيَضِ، قَصْرَ كِسْرَى، وَأَنَا فَرَطُكُمْ على الحوض، الحديث بمعناه (?) * وتقدَّم حديث