بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونُ عَظْمٍ أَوْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ، وليتمنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكب مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ مَا يَخْشَى إِلَّا اللَّهَ والذِّئب عَلَى غَنَمِهِ ولكنَّكم تَعْجَلُونَ (?) * وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسَدَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ بِهِ * ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ عَلَامَاتِ النبُّوة: حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الحسين، عن عتبة (?) عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه خَرَجَ يَوْمًا فصلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: أَنَا فَرَطُكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، إِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِيَ الْآنَ، وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِي أَنْ
تُشْرِكُوا، ولكنِّي أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا (?) * وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، كِلَاهُمَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ كَرِوَايَةِ اللَّيث عَنْهُ * فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ أَشْيَاءُ، مِنْهَا أنَّه أَخْبَرَ الْحَاضِرِينَ أنَّه فَرَطُهُمْ، أَيِ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَوْتِ، وَهَكَذَا وَقَعَ، فإنَّ هَذَا كَانَ فِي مرض موته عليه السلام، ثمَّ أَخْبَرَ أنَّه شَهِيدٌ عَلَيْهِمْ وَإِنْ تَقَدَّمَ وَفَاتُهُ عَلَيْهِمْ، وَأَخْبَرَ أنَّه أُعْطِيَ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، أَيْ فُتِحَتْ لَهُ الْبِلَادُ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ المتقدِّم، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَأَنْتُمْ تَفْتَحُونَهَا كَفْراً كَفْراً، أَيْ بَلَدًا بَلَدًا، وَأَخْبَرَ أنَّ أَصْحَابَهُ لَا يُشْرِكُونَ بَعْدَهُ، وهكذا وقع والله الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَلَكِنْ خَافَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُنَافِسُوا فِي الدُّنيا، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَانِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثمَّ مَنْ بعدهما، وهلمَّ جرّا إلى وقتنا هَذَا * ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنَّا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، أنَّا ابْنُ عَوْنٍ، أَنْبَأَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ؟ فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: شَرٌّ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّار، فَأَتَى الرَّجل فَأَخْبَرَهُ أنَّه قَالَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ مُوسَى: فَرَجَعَ الْمَرَّةَ الْآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إنَّك لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّار، وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الجنَّة (?) ، تفرَّد بِهِ الْبُخَارِيُّ * وَقَدْ قُتِلَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ شَهِيدًا يَوْمَ الْيَمَامَةِ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ، وَهَكَذَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحيح الْبِشَارَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أنَّه يَمُوتُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الجنَّة، وَقَدْ مَاتَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ وَأَجْمَلِهَا، وَكَانَ النَّاس يَشْهَدُونَ لَهُ بالجنَّة فِي حَيَاتِهِ لِإِخْبَارِ الصَّادق عَنْهُ بأنَّه يَمُوتُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ * وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحيح الْإِخْبَارُ عَنِ الْعَشَرَةِ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الجنَّة، بل