عُبَادَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ رَجُلًا نكَّاحاً لِلنِّسَاءِ، وَكَانَ يَقُولُ صَاحِبُ الْوَاحِدَةِ إِنْ حَاضَتْ حَاضَ مَعَهَا، وَإِنْ مَرِضَتْ مَرِضَ معها، وصاحب الثنايا؟ ؟ بين نارين يشتعلان قال: فكان ينكح أربعاً وَيُطَلِّقُهُنَّ جَمِيعًا.

وَقَالَ غَيْرُهُ: تَزَوَّجَ ثَمَانِينَ امْرَأَةً، وقيل ثلاث مائة امرأة، وقيل أحصن بألف امْرَأَةٍ.

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهِ عَلَى أَقْوَالٍ أَشْهَرُهَا وَأَصَحُّهَا وَهُوَ الَّذِي حَكَى عَلَيْهِ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ الْإِجْمَاعَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ.

وَمِنْهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ أَبُو مَعْبَدٍ الْكِنْدِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: قَدِمْتُ المدينة أنا وصاحبان، فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد، فأتينا إلى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَذَكَرْنَا لَهُ، فذهب بنا إلى منزله وعنده أربعة أَعْنُزٍ، فَقَالَ " إحلبهنَّ يَا مِقْدَادُ، وَجَزِّئْهِنَّ أَرْبَعَةَ جزاء، وَأَعْطِ كُلَّ إِنْسَانٍ جُزْءًا " فَكُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ فرفعت للنبي صلى الله عليه وسلَّم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَاحْتَبَسَ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي فَقَالَتْ لِي نَفْسِي: إنَّ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم قَدْ أَتَى أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَوْ قُمْتَ فَشَرِبْتَ هَذِهِ الشَّرْبَةَ فَلَمْ تَزَلْ بِي حتَّى قُمْتُ فَشَرِبْتُ جُزْأَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ في بطني ومعائي أخذني ما قدم وما حدث.

فقلت يجئ الْآنَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَائِعًا ظمآناً فَلَا يَرَى فِي الْقَدَحِ شَيْئًا فَسَجَيَّتُ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِي.

وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فسلم تسليمة تسمع اليقظان ولا توقظ النَّائِمَ، فَكَشَفَ عَنْهُ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا.

فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ " اللَّهُمَّ اسْقِ مَنْ سَقَانِي، وَأَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي " فَاغْتَنَمْتُ دَعْوَتَهُ وَقُمْتُ فَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ فَدَنَوْتُ إِلَى الْأَعْنُزِ فَجَعَلْتُ أَجِسُّهُنَّ أَيَّتُهُنَّ أَسْمَنُ لِأَذْبَحَهَا، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى ضَرْعِ إِحْدَاهُنَّ فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ، وَنَظَرْتُ إِلَى الْأُخْرَى فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُنَّ كُلُّهُنَّ حُفَّل، فَحَلَبْتُ فِي الْإِنَاءِ فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَقُلْتُ اشْرَبْ، فَقَالَ " مَا الْخَبَرُ يَا مِقْدَادُ؟ " فَقُلْتُ إشرب ثم الخبر؟، فقال " بعض؟ وتك يَا مِقْدَادُ " فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ " اشْرَبْ " فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَشَرِبَ حتَّى تَضَلَّعَ ثُمَّ أَخَذْتُهُ فَشَرِبْتُهُ، ثُمَّ أَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم " هِيهِ " فَقُلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم " هَذِهِ بَرَكَةٌ مُنَزَّلَةٌ مِنَ

السَّمَاءِ أَفَلَا أَخْبَرْتَنِي حتَّى أَسْقِيَ صَاحِبَيْكَ؟ " فَقُلْتُ إِذَا شَرِبْتُ الْبَرَكَةَ أَنَا وَأَنْتَ فَلَا أُبَالِي مَنْ أَخْطَأَتْ.

وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِقْدَادِ فَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ أَنَّهُ حلب في الإناء الذي كانوا لا يطيقون أَنْ يَحْلِبُوا فِيهِ، فَحَلَبَ حتَّى عَلَتْهُ الرَّغْوَةُ.

ولما جاء به قال بله رسول الله " أَمَا شَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللَّيْلَةَ يَا مِقْدَادُ؟ " فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي فَأَخَذْتُ مَا بَقِيَ ثُمَّ شَرِبْتُ.

فَلَمَّا عرفت أن رسول الله قَدْ رَوَى فَأَصَابَتْنِي دَعْوَتُهُ ضَحِكْتُ حتَّى أُلْقِيتُ إلى الأرض، فقال رسول الله " إِحْدَى سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ " فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ مِنْ أَمْرِي كَذَا، صَنَعْتُ كَذَا.

فقال " مَا كَانَتْ هَذِهِ إِلَّا رَحْمَةَ اللَّهِ، أَلَا كُنْتَ آذَنْتَنِي تُوقِظُ صَاحِبَيْكَ هَذَيْنِ فَيُصِيبَانِ مِنْهَا؟ " قَالَ قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُبَالِي إِذَا أصبتَها وأصبتُها مَعَكَ مَنْ أَصَابَهَا مِنَ النَّاس.

وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015