لِعُثْمَانَ التَّمْرَ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً، وَأَنْبِذُهُ عَشِيَّةً فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً، فَسَأَلَنِي ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ تَخْلِطِينَ فِيهِ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ أَجَلْ، قَالَ فَلَا تَعُودِي.
فَهَؤُلَاءِ إِمَاؤُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ حَزْنٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبيّذ فَقَالَتْ: هَذِهِ خَادِمُ رَسُولِ الله فَسَلْهَا، لِجَارِيَةٍ حَبَشِيَّةٍ، فَقَالَتْ: كُنْتُ أَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِقَاءٍ عَشَاءً فَأُوكِيهِ، فَإِذَا أَصْبَحَ شَرِبَ مِنْهُ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ بِهِ.
هَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ فِي مُسْنَدِ عَائِشَةَ، وَالْأَلْيَقُ ذِكْرُهُ فِي مُسْنَدِ جَارِيَةٍ حَبَشِيَّةٍ كانت تخدم النَّبيّ، وَهِيَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً مِمَّنْ قَدَّمَنَا ذِكْرُهُنَّ، أَوْ زَائِدَةً عَلَيْهِنَّ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
فَصْلٌ وَأَمَّا خدَّامه صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم الذين خدموه من الصحابة من غير مواليه فمنهم أنس بن مالك أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَاصِمٍ (?) بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ أَبُو حَمْزَةَ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ الْبَصْرَةِ.
خدم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم مُدَّةَ مُقَامِهِ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا عَاتَبَهُ على شئ أبداً، ولا قال لشئ فعله لِمَ فعلته، ولا لشئ لَمْ يَفْعَلْهُ أَلَا
فَعَلْتَهُ.
وَأُمُّهُ أُمُّ سُلَيْمٍ بِنْتُ مِلْحَانَ بْنِ خَالِدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامٍ هِيَ الَّتِي أَعْطَتْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ، وَسَأَلَتْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ".
قَالَ أَنَسٌ: فَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَتَيْنِ وَأَنَا أَنْتَظِرُ الثَّالِثَةَ، وَاللَّهِ إِنَّ مَالِي لِكَثِيرٌ، وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوٍ مَنْ مِائَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ وإنَّ كَرْمِي لَيُحْمَلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَإِنَّ وَلَدِي لِصُلْبِي مِائَةٌ وَسِتَّةُ أَوْلَادٍ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي شُهُودِهِ بَدْرًا.
وَقَدْ رَوَى الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ثُمَامَةَ قَالَ: قِيلَ لِأَنَسٍ أَشَهِدْتَ بَدْرًا؟ فَقَالَ: وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْ بَدْرٍ لَا أمَّ لَكَ! وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا لِصِغَرِهِ، وَلَمْ يَشْهَدْ أُحداً أَيْضًا لِذَلِكَ.
وَشَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ وَعُمْرَةَ الْقَضَاءِ وَالْفَتْحَ وَحُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم مِنَ ابْنِ أُمِّ سُلَيْمٍ - يَعْنِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -.
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، كَانَ أَحْسَنَ النَّاس صَلَاةً فِي سَفَرِهِ وَحَضَرِهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْبَصْرَةِ وَهُوَ آخِرُ مَنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ فِيهَا مِنَ الصَّحَابَةِ فِيمَا قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعِينَ، وَقِيلَ إِحْدَى وقيل اثنتين وقيل ثلاث وَتِسْعِينَ وَهُوَ الْأَشْهَرُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ.
وَأَمَّا عُمْرُهُ يَوْمَ مَاتَ فَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّ أَنَسًا عمَّر مِائَةَ سَنَةٍ غَيْرَ سَنَةٍ، وَأَقَلُّ مَا قِيلَ سِتٌّ وَتِسْعُونَ، وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ مِائَةٌ وَسَبْعُ سِنِينَ (?) ، وَقِيلَ سِتٌّ، وَقِيلَ مائة وثلاث سنين.
فالله أعلم.