رسول الله وهو مولٍ ظهره إلى الشمس، فضربت [على] (?) منكبه فقال: " من هذا أكله الاسود " فَقَالَتْ: أَنَا بِنْتُ مُطْعِمِ الطَّيْرِ، وَمُبَارِي الرِّيحِ، أَنَا لَيْلَى بِنْتُ الْخَطِيمِ، جِئْتُكَ لِأَعْرِضَ عَلَيْكَ نَفْسِي تَزَوَّجْنِي؟ قَالَ: " قَدْ فَعَلْتُ " فَرَجَعَتْ إِلَى قَوْمِهَا فَقَالَتْ: قَدْ تَزَوَّجْتُ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: بِئْسَ مَا صَنَعْتِ! أَنْتِ امرأة غيرى ورسول الله صَاحِبُ نِسَاءٍ تَغَارِينَ عَلَيْهِ، فَيَدْعُو اللَّهَ عَلَيْكِ فَاسْتَقِيلِيهِ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: أَقِلْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَأَقَالَهَا.
فتزوَّجها مَسْعُودُ بْنُ أَوْسِ بْنِ سَوَادِ بْنِ ظَفَرٍ فَوَلَدَتْ لَهُ، فَبَيْنَمَا هِيَ يَوْمًا تَغْتَسِلُ فِي بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ إِذْ وَثَبَ عَلَيْهَا ذِئْبٌ أَسْوَدُ فَأَكَلَ بَعْضَهَا، فَمَاتَتْ.
وَبِهِ عَنِ ابْنِ عبَّاس: أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ عَامِرِ بْنِ قُرْطٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَوَلَدَتْ لَهُ سَلَمَةَ، وَكَانَتِ امْرَأَةً ضَخْمَةً جَمِيلَةً لَهَا شَعْرٌ غَزِيرٌ يُجَلِّلُ جِسْمَهَا، فَخَطَبَهَا رَسُولُ الله من ابنها سلمة، فقال: حتَّى استأمرها؟ فَاسْتَأْذَنَهَا فَقَالَتْ يَا بُنَيَّ أَفِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَأْذِنُ؟ فَرَجَعَ ابْنُهَا فسكت ولم يرد جواباً، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهَا قَدْ طَعَنَتْ فِي السِّنِّ، وَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم عَنْهَا (?) .
وَبِهِ عَنِ ابْنِ عبَّاس قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ بِنْتَ بشامة بن نضلة العنبري، وكان أصابها سبي فخيَّرها رسول الله فَقَالَ: " إِنْ شِئْتِ أَنَا وَإِنْ شِئْتِ زَوْجَكِ " فَقَالَتْ: بَلْ زَوْجِي فَأَرْسَلَهَا فَلَعَنَتْهَا بَنُو تَمِيمٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا الْوَاقِدِيُّ، ثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ أُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ مِنْ بني عامر بن لؤي قد وهبت نفسها من
رسول الله، فَلَمْ يَقْبَلْهَا فَلَمْ تَتَزَوَّجْ حتَّى مَاتَتْ؟ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَأَنْبَأَنَا وَكِيعٌ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم تزوَّج أُمَّ شَرِيكٍ الدَّوْسِيَّةَ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: الثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّهَا مِنْ دَوْسٍ مِنَ الْأَزْدِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَاسْمُهَا غَزِيَّةُ بِنْتُ جَابِرِ بْنِ حَكِيمٍ (?) .
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: عن هشام بن محمد عن أبيه قال قال متحدث أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ كَانَتْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً.
وممن خطبها ولم يعقد عليها حمزة (?) بنت الحارث بن عون بن أبي حارثة المري فَقَالَ أَبُوهَا: إِنَّ بِهَا سُوءًا - وَلَمْ يَكُنْ بِهَا - فَرَجَعَ إِلَيْهَا وَقَدْ تَبَرَّصَتْ وَهِيَ أُمُّ شَبِيبِ بْنِ الْبَرْصَاءِ الشَّاعِرِ.
هَكَذَا ذَكَرَهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ.
قَالَ: وَخَطَبَ حَبِيبَةَ بِنْتَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَوَجَدَ أباها أخوه من الرضاعة أرضعتهما ثوبية مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ.
فَهَؤُلَاءِ نِسَاؤُهُ وَهُنَّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ، صِنْفٌ دَخَلَ بِهِنَّ وَمَاتَ عَنْهُنَّ وَهُنَّ التِّسْعُ الْمُبْدَأُ بِذِكْرِهِنَّ، وَهُنَّ حَرَامٌ عَلَى النَّاس بعد موته عليه السلام بِالْإِجْمَاعِ الْمُحَقِّقِ الْمَعْلُومِ مِنَ الدِّينِ ضَرُورَةً، وَعِدَّتُهُنَّ بِانْقِضَاءِ أَعْمَارِهِنَّ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى * (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولِ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ