كَانَ دَخَلَ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا حَتَّى أَتَى الْعَبَّاسَ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ، فَسُرَّ الْمُسْلِمُونَ وَرَدَّ مَا كَانَ مِنْ كَآبَةٍ أَوْ غَيْظٍ أَوْ حُزْنٍ عَلَى الْمُشْرِكِينَ (?) .
وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ سِوَى النَّسَائِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ نَحْوَهُ.
وَرَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ بِهِ نَحْوَهُ.
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ: أَنَّ قُرَيْشًا
كَانَ بَيْنَهُمْ تَرَاهُنٌ عَظِيمٌ وَتَبَايُعٌ، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَظْهَرُ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَظْهَرُ الْحَلِيفَانِ وَيَهُودُ خَيْبَرَ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الْبَهْزِيُّ قَدْ أَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَحَ خَيْبَرَ، وَكَانَ تَحْتَهُ أُمُّ شَيْبَةَ (?) أُخْتُ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ مُكْثِرًا مِنَ الْمَالِ، وَكَانَتْ لَهُ مَعَادِنُ أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَلَمَّا ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْبَرَ اسْتَأْذَنَ الْحَجَّاجُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذَّهَابِ إلى مكة يجمع أمواله فأذن له نحو ما نقدم وَاللَّهُ أَعْلَمُ (?) .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَمِمَّا قِيلَ مِنَ الشِّعْرِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ قَوْلُ حَسَّانَ: بِئْسَ مَا قَاتَلَتْ خَيَابِرُ عَمَّا * جَمَّعُوا مِنْ مَزِارِعٍ وَنَخِيلِ كَرِهُوا الْمَوْتَ فَاسْتُبِيحَ حِمَاهُمْ * وَأَقَرُّوا فعل الذميم الذليل أمن الموت يهربون فإن المو * ت مَوْتَ الْهُزَالِ غَيْرُ جَمِيلِ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ: وَنَحْنُ وَرَدْنَا خَيْبَرًا وَفُرُوضَهُ * بِكُلِّ فتى عاري الأشاجع مزود جوادٍ لدى الغايات لا واهن القوى * جرئ عَلَى الْأَعْدَاءِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ عَظِيمِ رَمَادِ الْقِدْرِ فِي كُلِّ شَتْوَةٍ * ضَرُوبٍ بِنَصْلِ الْمَشْرَفِيِّ الْمُهَنَّدِ يَرَى الْقَتْلَ مَدْحًا إِنْ أَصَابَ شَهَادَةً * مِنَ اللَّهِ يَرْجُوهَا وَفَوْزًا بِأَحْمَدَ يَذُودُ وَيَحْمِي عَنْ ذِمَارِ محمدٍ * وَيَدْفَعُ عَنْهُ بِاللِّسَانِ وَبِالْيَدِ وَيَنْصُرُهُ منْ كلِّ أمرٍ يَرِيبُهُ * يَجُودُ بِنَفْسٍ دُونَ نَفْسِ مُحَمَّدِ يُصَدِّقُ بِالْإِنْبَاءِ بِالْغَيْبِ مُخْلِصًا * يريد بذاك العز والفوز في غد