أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ، سَأَلُوهُ أَنَّ يُسَيِّرَهُمْ (?) وَأَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ فَفَعَلَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَازَ الْأَمْوَالَ كُلَّهَا الشِّقَّ وَالنَّطَاةَ وَالْكَتِيبَةَ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ إِلَّا مَا كَانَ من ذينك الحصنين، فلمَّا سمع أَهْلُ فَدَكَ قَدْ صَنَعُوا مَا صَنَعُوا بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [يَسْأَلُونَهُ] أَنْ يُسَيِّرَهُمْ، وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ وَيُخَلُّوا لَهُ الْأَمْوَالَ فَفَعَلَ.

وَكَانَ مِمَّنْ مَشَى بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ.

فَلَمَّا نَزَلَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَلَى ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يُعَامِلَهُمْ فِي الْأَمْوَالِ عَلَى النِّصْفِ، وَقَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ وَأَعْمَرُ لَهَا، فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنَّا إِذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أَخْرَجْنَاكُمْ.

وعامل أهل فدك بمثل ذلك.

فصل فتح حصونها وقسيمة أرضها

فصل فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ لَمَّا تَحَوَّلَتِ الْيَهُودُ مِنْ حِصْنِ نَاعِمٍ وَحِصْنِ الصَّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ إِلَى قَلْعَةِ الزُّبَيْرِ حَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُقال لَهُ غزَّال (?) فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، تُؤمنني عَلَى أَنْ أَدُلَّكَ عَلَى مَا تَسْتَرِيحُ بِهِ مِنْ أَهْلِ النَّطَاةِ وَتَخْرُجُ إِلَى أَهْلِ الشِّقِّ، فَإِنَّ أَهْلَ الشِّقِّ قَدْ هَلَكُوا

رُعْبًا مِنْكَ؟ قَالَ: فأمَّنه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: إِنَّكَ لَوْ أَقَمْتَ شَهْرًا تُحَاصِرُهُمْ مَا بَالَوْا بِكَ، إِنَّ لَهُمْ تَحْتَ الْأَرْضِ دُبُولًا (?) يَخْرُجُونَ بِاللَّيْلِ فَيَشْرَبُونَ مِنْهَا ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى قَلْعَتِهِمْ.

فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ دُبُولِهِمْ فَخَرَجُوا فَقَاتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ نَفَرٌ وَأُصِيبَ مِنَ الْيَهُودِ عَشَرَةٌ وَافْتَتَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ آخِرَ حُصُونِ النَّطَاةِ.

وَتَحَوَّلَ إِلَى الشِّقِّ وَكَانَ بِهِ حُصُونٌ ذَوَاتُ عَدَدٍ، فَكَانَ أَوَّلَ حِصْنٍ بَدَأَ بِهِ مِنْهَا حِصْنُ أُبَيٍّ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَلْعَةٍ يُقَالُ لَهَا سُمْوَانُ (?) فقاتل عليها أَشَدَّ الْقِتَالِ فَخَرَجَ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَزُولٌ (?) فَدَعَا إِلَى الْبَرَازِ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَقَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى مِنْ نِصْفِ ذِرَاعِهِ وَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ وَفَرَّ الْيَهُودِيُّ رَاجِعًا فَاتَّبَعَهُ الْحُبَابُ فَقَطَعَ عُرْقُوبَهُ وَبَرَزَ مِنْهُمْ آخَرُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلَهُ الْيَهُودِيُّ فَنَهَضَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ وَأَحْجَمُوا عَنِ الْبَرَازِ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ ثُمَّ تَحَامَلُوا عَلَى الْحِصْنِ فَدَخَلُوهُ، وَأَمَامَهُمْ أَبُو دُجَانَةَ فَوَجَدُوا فِيهِ أَثَاثًا وَمَتَاعًا وَغَنَمًا وَطَعَامًا وَهَرَبَ من كان فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015