وَقَعَ فِي الْمَدِينَةِ الْمُومُ - وَهُوَ الْبِرْسَامُ فَقَالُوا هذا الموم، قد وقع يا رسول الله، لو أَذِنْتَ لَنَا فَرَجَعْنَا إِلَى الْإِبِلِ.

قَالَ نَعَمْ فَاخْرُجُوا فَكُونُوا فِيهَا.

فَخَرَجُوا فَقَتَلُوا الرَّاعِيَيْنِ وَذَهَبُوا بالإبل.

وعنده سار

من الأنصار قريب عِشْرِينَ فَأَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِمْ وَبَعَثَ مَعَهُمْ قَائِفًا يَقْتَصُّ أَثَرَهُمْ فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ وسمَّر أَعْيُنَهُمْ (?) .

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ فَأَسْلَمُوا وَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ الْحَقُوا بِالْإِبِلِ وَاشْرَبُوا من أبو الها وألبانها.

فذهبوا وكانوا فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، فَجَاءَ الصَّرِيخُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تَرْتَفِعِ الشَّمْسُ حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَوَاهُمْ بِهَا وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَأَلْقَاهُمْ فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ حَتَّى ماتوا ولم يحمهم.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمْ يَكْدُمُ الْأَرْضَ بِفِيهِ مِنَ الْعَطَشِ.

قَالَ أَبُو قِلَابَةَ فَهَؤُلَاءِ قَتَلُوا وَسَرَقُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.

وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بن أبي شيبة عن عبد الرحمن (?) بن سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ فِي آثَارِهِمْ قَالَ " اللَّهُمَّ عمِ عَلَيْهِمُ الطَّرِيقَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ أَضْيَقَ مِنْ مَسْكِ جَمَلٍ، قَالَ: فعمَّى الله عليهم السبيل فأدركوا فأتي بهم فَقَطَعَ أَيْدِيَهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ وسمَّل أَعْيُنَهُمْ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إِنَّمَا سَمَلَهُمْ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ (?) .

فصل فيما وقع من الحوادث في هذه السنة

فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَعْنِي سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ فِيهَا نَزَلَ فَرْضُ الْحَجِّ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَتِمُّوا الحج والعمرة لله) [الْبَقَرَةِ: 196] وَلِهَذَا ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي لَا عَلَى الْفَوْرِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحُجَّ إِلَّا فِي سَنَةِ عَشْرٍ.

وَخَالَفَهُ الثَّلَاثَةُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ، فَعِنْدَهُمْ: أَنَّ الْحَجَّ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنِ اسْتَطَاعَهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَمَنَعُوا أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ مُسْتَفَادًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله) وَإِنَّمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأَمْرُ بِالْإِتْمَامِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَقَطْ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ قَدْ أَوْرَدْنَا كَثِيرًا مِنْهَا عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كِتَابِنَا التَّفسير ولله الحمد والمنة بما فيه كفاية.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ حُرِّمَتِ الْمُسْلِمَاتُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ تَخْصِيصًا لِعُمُومِ مَا وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بإيمانهم، فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015