وَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خَيْلِهِمْ قَدْ قدموا إِلَى كُرَاعِ الْغَمِيمِ (?) قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يَا وَيْحَ قُرَيْشٍ! قد أَكَلَتْهُمُ الْحَرْبُ، مَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ خَلَّوْا بَيْنِي وَبَيْنَ سَائِرِ الْعَرَبِ، فَإِنْ هُمْ أَصَابُونِي كَانَ ذَلِكَ الَّذِي أَرَادُوا، وَإِنْ أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَيْهِمْ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَافِرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا قَاتَلُوا وَبِهِمْ قُوَّةٌ، فَمَا تَظُنُّ قُرَيْشٌ، فَوَاللَّهِ لا أزال أجاهد على هذا الَّذِي بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ أَوْ تَنْفَرِدَ هَذِهِ السَّالِفَةُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ بِنَا عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ طَرِيقِهِمُ الَّتِي هُمْ بِهَا؟.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بكر: أن رجلا مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَلَكَ بِهِمْ طَرِيقًا وَعْرًا أَجْرَلَ بَيْنَ شِعَابٍ، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْهُ وَقَدْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَأَفْضَوْا إِلَى أَرْضٍ

سَهْلَةٍ عِنْدَ مُنْقَطَعِ الْوَادِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [للناس] (?) : قُولُوا نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، فَقَالُوا ذَلِكَ! فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَلْحِطَّةُ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَقُولُوهَا.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ.

فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فَقَالَ: اسْلُكُوا ذَاتَ الْيَمِينِ بَيْنَ ظَهْرَيِ الحمض، في طريق يخرجه عَلَى ثَنِيَّةِ الْمُرَارِ مَهْبِطِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ.

قَالَ: فَسَلَكَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الطَّرِيقَ، فَلَمَّا رَأَتْ خَيْلُ قُرَيْشٍ قَتَرَةَ الْجَيْشِ قَدْ خَالَفُوا عَنْ طَرِيقِهِمْ، رَكَضُوا رَاجِعِينَ إِلَى قُرَيْشٍ.

وَخَرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا سَلَكَ فِي ثَنِيَّةِ الْمُرَارِ بَرَكَتْ نَاقَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: خَلَأَتْ فَقَالَ: مَا خَلَأَتْ وَمَا هُوَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ عَنْ مَكَّةَ.

لَا تَدْعُونِي قُرَيْشٌ الْيَوْمَ إِلَى خطه يسألوني فِيهَا صِلَةَ الرَّحِمِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا.

ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْزِلُوا.

قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ الله ما بالوادي ماء ينزل عَلَيْهِ.

فَأَخْرَجَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، فَأَعْطَاهُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَنَزَلَ بِهِ فِي قَلِيبٍ مِنْ تِلْكَ الْقُلُبِ فَغَرَزَهُ فِي جَوْفِهِ.

فَجَاشَ بِالرَّوَاءِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاس عَنْهُ بِعَطَنٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَسْلَمَ: أنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي الْقَلِيبِ بِسَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ سَائِقُ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ كَانَ يَقُولُ: إنَّا الَّذِي نَزَلْتُ بِسَهْمِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.

ثُمَّ اسْتَدَلَّ ابن إسحاق للأول أن جارية من الأنصار جاءت البئر وناجية أَسْفَلِهِ يَمِيحُ فَقَالَتْ: يَا أَيُّهَا الْمَائِحُ دَلْوِي دُونَكَا * إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ يَحْمَدُونَكَا يُثْنُونَ خَيْرًا وَيُمَجِّدُونَكَا فَأَجَابَهَا فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ جَارِيَةٌ يَمَانِيَهْ * أَنِّي أَنَا الْمَائِحُ وَاسْمِي نَاجِيهْ وَطَعْنَةٍ ذَاتِ رَشَاشٍ وَاهِيَهْ * طَعَنْتُهَا عِنْدَ صُدُورِ الْعَادِيَهْ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَلَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ، فِي رِجَالٍ مِنْ خُزَاعَةَ، فَكَلَّمُوهُ وَسَأَلُوهُ مَا الَّذِي جَاءَ بِهِ؟ فَأَخْبَرَهُمْ إنَّه لَمْ يأت يريد حرباً، وإنما جاء زائرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015