مِنْ أَشْرَافِهِمْ.
فَنَازَلَهُمْ حُيَيٌّ عَلَى ذَلِكَ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَمَزَّقُوا الصَّحِيفَةَ الَّتِي كَانَ فيها العقد إلا بني سعنة أَسَدٌ وَأَسِيدٌ وَثَعْلَبَةُ فَإِنَّهُمْ خَرَجُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فلمَّا انْتَهَى الْخَبَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ، بَعَثَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْأَوْسِ، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَمَعَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ (?) .
قَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَتَنْظُرُوا أحقٌ مَا بَلَغَنَا عَنْهُمْ فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَالْحَنُوا لِي لَحْنًا أَعْرِفُهُ (?) وَلَا تَفُتُّوا فِي أَعْضَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى الْوَفَاءِ فَاجْهُرُوا بِهِ لِلنَّاسِ.
قَالَ: فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْهُمْ.
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: فَدَخَلُوا مَعَهُمْ حِصْنَهُمْ فَدَعَوْهُمْ إِلَى الْمُوَادَعَةِ وَتَجْدِيدِ الْحِلْفِ فَقَالُوا: الْآنَ وَقَدْ كُسِرَ جَنَاحُنَا وَأَخْرَجَهُمْ (يُرِيدُونَ بَنِي النَّضِيرِ) وَنَالُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يُشَاتِمُهُمْ، فَأَغْضَبُوهُ فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: إِنَّا وَاللَّهِ مَا جِئْنَا لِهَذَا، وَلَمَا بَيْنَنَا أَكْبَرُ مِنَ الْمُشَاتَمَةِ.
ثُمَّ نَادَاهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ يَا بَنِي قُرَيْظَةَ وَأَنَا خَائِفٌ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ بَنِي النَّضِيرِ أَوْ أَمَرَّ مِنْهُ.
فَقَالُوا أَكَلْتَ أَيْرَ أَبِيكَ (?) .
فَقَالَ: غَيْرُ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ كَانَ أَجْمَلَ بِكُمْ وَأَحْسَنَ (?) .
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: نَالُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا مَنْ رَسُولُ اللَّهِ؟ لَا عَهْدَ بيننا وبين محمد.
فَشَاتَمَهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَشَاتَمُوهُ، وَكَانَ رَجُلًا فِيهِ حِدَّةٌ فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: دَعْ عَنْكَ مُشَاتَمَتَهُمْ لَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَرْبَى مِنَ الْمُشَاتَمَةِ.
ثُمَّ أَقْبَلَ السَّعْدَانِ وَمَنْ مَعَهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا: عَضَلٌ وَالْقَارَةُ أَيْ كَغَدْرِهِمْ بِأَصْحَابِ الرَّجِيعِ خُبَيْبٍ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ تَقَنَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَوْبِهِ حِينَ جَاءَهُ الْخَبَرُ عَنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَاضْطَجَعَ وَمَكَثَ طَوِيلًا فَاشْتَدَّ عَلَى النَّاسِ الْبَلَاءُ وَالْخَوْفُ حِينَ رَأَوْهُ اضْطَجَعَ وَعَرَفُوا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِهِ عَنْ بَنِي قُرَيْظَةَ خَيْرٌ.
ثم إنه رفع رأسه وقال أَبْشِرُوا بِفَتْحِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ.
فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحُوا دَنَا الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَكَانَ بَيْنَهُمْ رَمْيٌ بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ.
قَالَ
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ لَا تُعْبَدْ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَعَظُمَ عِنْدَ ذَلِكَ الْبَلَاءُ وَاشْتَدَّ الْخَوْفُ وَأَتَاهُمْ عَدُوُّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، حَتَّى ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ كُلَّ ظَنٍّ، وَنَجَمَ النِّفَاقُ حَتَّى قَالَ مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَعِدُنَا أَنْ نَأْكُلَ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَأَحَدُنَا لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْغَائِطِ (?) وَحَتَّى قَالَ أَوْسُ بْنُ قَيْظِيِّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ مِنَ الْعَدُوِّ، وَذَلِكَ عَنْ مَلَأٍ مِنْ رِجَالِ قَوْمِهِ، فَأْذَنْ لَنَا أَنْ نَرْجِعَ إِلَى دَارِنَا فَإِنَّهَا خَارِجٌ من المدينة.
قلت: هؤلاء وأمثالهم