وهي العصر، فاجتمعوا أَمْرَكُمْ فَمِيلُوا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً.

وَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمره أن

يقيم أصحابه شطرين فيصلي ببعضهم ويقدم الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى وَرَاءَهُمْ وَلِيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ثُمَّ تَأْتِي الْأُخْرَى فَيُصَلُّونَ مَعَهُ وَيَأْخُذُ هَؤُلَاءِ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ لِيَكُونَ لَهُمْ رَكْعَةٌ رَكْعَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِرَسُولِ اللَّهِ رَكْعَتَانِ.

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

قُلْتُ إِنْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ شَهِدَ هَذَا فَهُوَ بعد خيبر إلا فَهُوَ مِنْ مُرْسِلَاتِ الصَّحَابِيِّ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَمْ يُذْكَرْ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ أَمْرُ عُسْفَانَ وَلَا خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ.

بَقِيَ الشَّأْنُ فِي أَنَّ غَزْوَةَ عُسْفَانَ قَبْلَ الْخَنْدَقِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ إِنَّمَا شُرِعَتْ بَعْدَ يَوْمِ الْخَنْدَقِ فَإِنَّهُمْ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ يَوْمَئِذٍ عَنْ مِيقَاتِهَا لِعُذْرِ الْقِتَالِ وَلَوْ كَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ مَشْرُوعَةً إِذْ ذَاكَ لَفَعَلُوهَا وَلَمْ يُؤَخِّرُوهَا، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَغَازِي: إِنَّ غَزْوَةَ بَنِي لِحْيَانَ الَّتِي صَلَّى فِيهَا صَلَاةَ الْخَوْفِ بُعُسْفَانَ كَانَتْ بَعْدَ بَنِي قُرَيْظَةَ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ لَقِيَتْهُ بِعُسْفَانَ فَوَقَفْتُ بِإِزَائِهِ وتعرضت له، فصلى بأصحابه الظهر أمامنا فهممنا أَنْ نُغِيرَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَمْ يُعْزَمْ لَنَا فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِنَا مِنَ الْهَمِّ بِهِ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْعَصْرِ صَلَاةَ الْخَوْفِ.

قُلْتُ: وَعُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَتْ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ بَعْدَ الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ كَمَا سَيَأْتِي.

وَفِي سِيَاقِ حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ مَا يَقْتَضِي أنَّ آيَةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ نَزَلَتْ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ يَوْمَ عُسْفَانَ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةِ خَوْفٍ صَلَّاهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَيْفِيَّةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَاخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ فِيهَا فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

غزوة ذات الرقاع

غزوة ذات الرِّقاع (?) قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:: ثُمَّ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ شَهْرَيْ رَبِيعٍ وَبَعْضَ جُمَادَى ثُمَّ غَزَا نَجْدًا يُرِيدُ بَنِي مُحَارِبٍ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطْفَانَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا ذَرٍّ (?) .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ نَخْلًا وَهِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقاع.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ لِأَنَّهُمْ رَقَّعُوا فِيهَا رَايَاتِهُمْ، وَيُقَالُ لِشَجَرَةٍ هُنَاكَ اسْمُهَا ذَاتُ الرِّقَاعِ، وَقَالَ

الْوَاقِدِيُّ بِجَبَلٍ فِيهِ بُقَعٌ حُمْرٌ وَسُودٌ وَبِيضٌ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَرْبُطُونَ عَلَى أَرْجُلِهِمْ مِنَ الْخِرَقِ مِنْ شدَّة الحرِّ.

قال ابن إسحاق: فلقي بها جمعاً [عظيما] من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015