فأطيعوني، وتعالوا نتبع محمداً والله إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ، قَدْ بَشَّرَنَا بِهِ وَبِأَمْرِهِ ابْنُ الْهَيْبَانِ أَبُو عُمَيْرٍ، وَابْنُ حِرَاشٍ وَهُمَا أَعْلَمُ يَهُودَ جَاءَانَا يَتَوَكَّفَانِ قُدُومَهُ وَأَمَرَانَا بِاتِّبَاعِهِ، جَاءَانَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَمَرَانَا أَنْ نُقْرِئَهُ مِنْهُمَا السَّلَامَ، ثُمَّ مَاتَا عَلَى دِينِهِمَا وَدَفَنَّاهُمَا بِحَرَّتِنَا هَذِهِ، فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْهُمْ مُتَكَلِّمٌ، ثُمَّ أَعَادَ هَذَا الْكَلَامَ وَنَحْوَهُ وَخَوَّفَهُمْ بِالْحَرْبِ وَالسِّبَاءِ وَالْجَلَاءِ.
فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا: قَدْ وَالتَّوْرَاةِ قَرَأْتُ صِفَتَهُ فِي كِتَابِ بَاطَا التَّوْرَاةِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَى مُوسَى، لَيْسَ فِي الْمَثَانِي الَّذِي أَحْدَثْنَا، قَالَ فَقَالَ لَهُ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ: مَا يَمْنَعُكَ يَا أَبَا عبد الرحمن من اتباعه؟ قال: أنت يا كعب.
قَالَ كَعْبٌ: فَلِمَ وَالتَّوْرَاةِ مَا حُلْتُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَطُّ، قَالَ الزُّبَيْرُ: بَلْ أَنْتَ صَاحِبُ عَهْدِنَا وَعَقْدِنَا فَإِنِ اتَّبَعْتَهُ اتَّبَعْنَاهُ، وَإِنْ أَبَيْتَ أَبَيْنَا.
فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ سُعْدَى عَلَى كَعْبٍ فَذَكَرَ مَا تُقَاوَلَا فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ قال عمرو مَا عِنْدِي فِي أَمْرِهِ إِلَّا مَا قُلْتُ: مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أَصِيرَ تَابِعًا.
رَوَاهُ البيهقي (?) .
غزوة بني لحيان ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا ابْنُ إسحاق فيما رأيته من طريق هِشَامٍ عَنْ زِيَادٍ عَنْهُ فِي جُمَادَى الْأُولَى من سنة ثنتين من الهجرة بعد لخندق وَبَنِي قُرَيْظَةَ وَهُوَ أَشْبَهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو العبَّاس الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الجبار وَغَيْرُهُ قَالُوا: لَمَّا أُصِيبَ خُبَيْبٌ وَأَصْحَابُهُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَالِبًا بِدِمَائِهِمْ لِيُصِيبَ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ غِرَّةً، فَسَلَكَ طَرِيقَ الشَّامِ لِيُرَيَ (?) أَنَّهُ لَا يُرِيدُ بَنِي لحيان، حتى نزل بأرضهم [من هذيل، ليصيب منهم غرة] فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس الْجِبَالِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ أَنَّا هَبَطْنَا عُسْفَانَ لَرَأَتْ قُرَيْشٍ أَنَّا قَدْ جِئْنَا مَكَّةَ " فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ حَتَّى نَزَلَ عُسْفَانَ، ثُمَّ بَعَثَ فَارِسَيْنِ حَتَّى جَاءَا كُرَاعَ الْغَمِيمِ ثُمَّ انْصَرَفَا، فَذَكَرَ أَبُو عَيَّاشٍ الزُّرَّقِيُّ: أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بعُسفان صَلَاةَ الْخَوْفِ (?) .
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابن عَيَّاشٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعُسفان فَاسْتَقْبَلَنَا الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الظهر فقالوا: قد كانوا على