الْجِهَادِ مِنْ طُرُقٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بن أبي سفيان وأسد بن حارثة الثَّقفيّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عُمَرُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالْمَشْهُورُ عَمْرٌو.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ وساق بنحوه.
وَقَدْ خَالَفَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ إِسْحَاقَ لِيُعَرَفَ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ وَالِاخْتِلَافِ عَلَى أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ إمام في هذا الشأن، غير مُدَافَعٍ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْ أَرَادَ الْمَغَازِيَ فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بَعْدَ أُحُدٍ رَهْطٌ مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فِينَا إِسْلَامًا فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ يُفَقِّهُونَنَا فِي الدِّينِ وَيُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ وَيُعَلِّمُونَنَا شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ.
فَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ نَفَرًا سِتَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمْ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ حَلِيفُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ أَمِيرُ الْقَوْمِ (?) ، وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ اللَّيثي حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ، أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَخَبِيبُ بْنُ عَدِيٍّ أَخُو بَنِي جَحْجَبى بْنِ كُلْفَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ أَخُو بَنِي بَيَاضَةَ بْنِ عَامِرٍ (?) وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ حَلِيفُ بَنِي ظَفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ كَانُوا سِتَّةً (?) وَكَذَا ذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَسَمَّاهُمْ كَمَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا عَشَرَةً وَعِنْدَهُ أَنَّ كَبِيرَهُمْ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَخَرَجُوا مَعَ الْقَوْمِ حتَّى إِذَا كَانُوا عَلَى الرَّجِيعِ مَاءٍ لِهُذَيْلٍ بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ مِنْ صُدُورِ الْهَدْأَةِ (?) غَدَرُوا بِهِمْ، فَاسْتَصْرَخُوا عَلَيْهِمْ هُذَيْلًا، فَلَمْ يَرُعِ الْقَوْمَ، وَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ إِلَّا الرِّجَالُ بِأَيْدِيهِمِ السُّيُوفُ، قَدْ غَشُوهُمْ، فَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ لِيُقَاتِلُوا الْقَوْمَ، فَقَالُوا لَهُمْ إِنَّا وَاللَّهِ مَا نُرِيدُ قَتْلَكُمْ، وَلَكُنَّا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ بِكُمْ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَلَكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَنْ لَا نَقْتُلَكُمْ.
فَأَمَّا مَرْثَدٌ وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ (?) فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ عَهْدًا وَلَا عَقْدًا أَبَدًا، وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ:
مَا عِلَّتِي وَأَنَا جَلْدُ نَابِلُ * وَالْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُنَابِلُ (?) تَزِلُّ عَنْ صَفْحَتِهَا المعابل * والموت حق والحياة باطل (?)