إِسْحَاقَ: وَكَانَتْ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهَا أَنَّ قُرَيْشًا خَافُوا طَرِيقَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَسْلُكُونَ إِلَى الشَّامِ حِينَ كَانَ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ مَا كَانَ فَسَلَكُوا طَرِيقَ الْعِرَاقِ فَخَرَجَ مِنْهُمْ تُجَّارٌ فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ وَمَعَهُ فِضَّةٌ كَثِيرَةٌ، وَهِيَ عُظْمُ تِجَارَتِهِمْ، وَاسْتَأْجَرُوا رَجُلًا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ يُقَالُ لَهُ: فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ يَعْنِي الْعِجْلِيَّ حَلِيفَ بَنِي سَهْمٍ لِيَدُلَّهُمْ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم زيد بن حارثة فلقيهم على ماء يقال له القردة (?) فَأَصَابَ تِلْكَ الْعِيرَ وَمَا فِيهَا وَأَعْجَزَهُ الرِّجَالُ فَقَدِمَ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِي ذَلِكَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: دَعُوا فَلَجَاتِ الشَّامِ قَدْ حَالَ دُونَهَا * جِلَادٌ كَأَفْوَاهِ الْمَخَاضِ الْأَوَارِكِ (?) بِأَيْدِي رِجَالٍ هَاجَرُوا نحو ربهم * وأنصاره حقا وأيدي الملائك إذا سلكت للغور من بطن عالج * فقولا: لها لَيْسَ الطَّرِيقُ هُنَالِكِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ القصيدة في أبيات لِحَسَّانَ، وَقَدْ أَجَابَهُ فِيهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحارث.

وقال الْوَاقِدِيُّ كَانَ خُرُوجُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ مُسْتَهَلُّ جُمَادَى الْأُولَى (?) عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ وَكَانَ رَئِيسَ هَذِهِ الْعِيرِ صَفْوَانُ بْنُ أميَّة وَكَانَ سَبَبُ بَعْثِهِ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ أَنَّ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَمَعَهُ خَبَرُ هَذِهِ الْعِيرِ وَهُوَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ وَاجْتَمَعَ بِكِنَانَةَ بْنِ أَبِي الْحَقِيقِ فِي

بَنِي النَّضِيرِ وَمَعَهُمْ سَلِيطُ بن النعمان من أَسْلَمَ فَشَرِبُوا وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ فَتَحَدَّثَ بِقَضِيَّةِ الْعِيرِ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ وَخُرُوجِ صَفْوَانَ بْنِ أميَّة فِيهَا وَمَا مَعَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ فَخَرَجَ سَلِيطٌ مِنْ سَاعَتِهِ فَأَعْلَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ مِنْ وَقْتِهِ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَلَقُوهُمْ فَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ وَأَعْجَزَهُمُ الرِّجَالُ وَإِنَّمَا أَسَرُوا رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ وَقَدِمُوا بِالْعِيرِ فَخَمَّسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَلَغَ خُمْسُهَا عِشْرِينَ أَلْفًا وَقَسَّمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا عَلَى السَّرِيَّةِ وَكَانَ فِيمَنْ أُسِرَ الدَّلِيلُ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ فَأَسْلَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَزَعَمَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ فِي رَبِيعٍ مِنْ هَذِهِ السَّنة تزوَّج عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْهَا.

مقتل كعب بن الاشرف

مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الأشرف وكان من بني طئ ثُمَّ أَحَدَ بَنِي نَبْهَانَ وَلَكِنَّ أُمَّهُ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ.

هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَبْلَ جَلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ قِصَّةِ بَنِي النَّضِيرِ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ لِمَا سَيَأْتِي: فَإِنَّ بَنِي النَّضِيرِ إِنَّمَا كَانَ أَمْرُهَا بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَفِي مُحَاصَرَتِهِمْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ بِطَرِيقِهِ إِنْ شَاءَ الله.

قال البخاري في صحيحه [باب] (?) قَتْلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015