عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ قَالَ بَلْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ.
قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فإنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلٍ فَامْضِ بِالنَّاسِ حَتَّى نَأْتِيَ أَدْنَى مَاءٍ مِنَ الْقَوْمِ، فَنَنْزِلَهُ، ثُمَّ نُغَوِّرَ (?) مَا وَرَاءَهُ مِنَ الْقُلُبِ، ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه مَاءً ثُمَّ نُقَاتِلَ الْقَوْمَ فَنَشْرَبَ وَلَا يَشْرَبُونَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ ".
قَالَ الْأُمَوِيُّ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: وَزَعَمَ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عبَّاس.
قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجمع الأقماص (?) وجبريل عن يمينه إذا أَتَاهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هُوَ السَّلَامُ وَمِنْهُ السَّلَامُ وَإِلَيْهِ السَّلَامُ " فَقَالَ الْمَلَكُ (?) إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لَكَ إِنَّ الْأَمْرَ [هُوَ] الَّذِي أَمَرَكَ بِهِ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا جِبْرِيلُ هَلْ تَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَالَ مَا كُلَّ أَهْلِ السَّمَاءِ أَعْرِفُ وَإِنَّهُ لَصَادِقٌ وَمَا هُوَ بِشَيْطَانٍ فَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ فَسَارَ حَتَّى أَتَى أَدْنَى مَاءٍ مِنَ الْقَوْمِ نَزَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ أمر بالقلب فعورت، وَبَنَى حَوْضًا عَلَى الْقَلِيبِ الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ فَمُلِئَ مَاءً ثُمَّ قَذَفُوا فِيهِ الْآنِيَةَ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْحُبَابَ بْنَ الْمُنْذِرِ لَمَّا أَشَارَ بِمَا أَشَارَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ وَجِبْرِيلُ عِنْدَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْمَلَكُ يَا مُحَمَّدُ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلام وَيَقُولُ لَكَ إِنْ الرَّأْيَ مَا أَشَارَ بِهِ الْحُبَابُ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم إِلَى جِبْرِيلَ فَقَالَ لَيْسَ كُلُّ الْمَلَائِكَةِ أَعْرِفُهُمْ وَإِنَّهُ مَلَكٌ وَلَيْسَ بِشَيْطَانٍ.
وَذَكَرَ الْأُمَوِيُّ (?) أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى الْقَلِيبِ الَّذِي يَلِي الْمُشْرِكِينَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَأَنَّهُمْ نَزَلُوا فِيهِ وَاسْتَقَوْا منه وملؤا الْحِيَاضَ حَتَّى أَصْبَحَتْ مِلَاءً وَلَيْسَ لِلْمُشْرِكِينَ مَاءٌ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ حُدِّثَ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ.
قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَّا نَبْنِيَ لَكَ عَرِيشًا تَكُونُ فِيهِ وَنُعِدُّ عِنْدَكَ رَكَائِبَكَ، ثُمَّ نَلْقَى عَدُوَّنَا فَإِنْ أَعَزَّنَا اللَّهُ وَأَظْهَرَنَا عَلَى عَدُوِّنَا، كَانَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْنَا، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى، جَلَسْتَ عَلَى رَكَائِبِكَ فَلَحِقْتَ بِمَنْ وَرَاءَنَا
مِنْ قَوْمِنَا، فَقَدْ تَخَلَّفَ عَنْكَ أَقْوَامٌ ما نحن بأشد حبالك مِنْهُمْ، وَلَوْ ظَنُّوا أَنَّكَ تَلْقَى حَرْبًا مَا تَخَلَّفُوا عَنْكَ، يَمْنَعُكَ اللَّهُ بِهِمْ يُنَاصِحُونَكَ وَيُجَاهِدُونَ مَعَكَ.
فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ، ثُمَّ بُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرِيشٌ كَانَ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدِ ارْتَحَلَتْ قُرَيْشٌ حِينَ أَصْبَحَتْ فَأَقْبَلَتْ، فلمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم