بِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ فِي الْإِسْرَاءِ: أَنَّهُ لَمَّا مَرَّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ آدَمُ وَإِبْرَاهِيمُ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ قَالُوا فَلَوْ كَانَ فِي عَمُودِ نَسَبِهِ لَقَالَ لَهُ كَمَا قال (?) له * وهذا لا يدل ولابد لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ الرَّاوِي حَفِظَهُ جَيِّدًا.

أَوْ لَعَلَّهُ قَالَهُ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْهَضْمِ وَالتَّوَاضُعِ، وَلَمْ يَنْتَصِبْ لَهُ فِي مَقَامِ الْأُبُوَّةِ كَمَا انْتَصَبَ لِآدَمَ أَبِي الْبَشَرِ، وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي هو خليل الرحمن وأكبر أُولِي الْعَزْمِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أجمعين.

قصة نوح عليه السلام

(?) هُوَ نُوحُ بْنُ لَامَكَ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بْنِ خنوخ - وهو إدريس - بن يرد بن مهلاييل بْنِ قَيْنَنَ بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيثَ بْنِ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (?) .

كَانَ مَوْلِدُهُ بَعْدَ وَفَاةِ آدَمَ بِمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتٍّ وَعِشْرِينَ سَنَةً فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ.

وَعَلَى تَارِيخِ أَهْلِ الْكِتَابِ الْمُتَقَدِّمِ يَكُونُ بَيْنَ مَوْلِدِ نُوحٍ وَمَوْتِ آدَمَ مِائَةٌ وَسِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً وَكَانَ بَيْنَهُمَا عَشَرَةُ قُرُونٍ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَّامٍ سَمِعْتُ أبا أمامة أن رجلاً قال: يارسول اللَّهِ أَنَبِيٌّ كَانَ آدَمُ؟ قَالَ: نَعَمْ مُكَلِّمٌ.

قَالَ: فَكَمْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُوحٍ؟ قَالَ: عَشَرَةُ قُرُونٍ.

قُلْتُ وَهَذَا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ كُلُّهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ * فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْقَرْنِ مِائَةَ سَنَةٍ - كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ - فَبَيْنَهُمَا أَلْفُ سَنَةٍ لَا مَحَالَةَ لَكِنْ لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ بِاعْتِبَارِ مَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ عبَّاس بِالْإِسْلَامِ إِذْ قَدْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا قُرُونٌ أُخَرُ مُتَأَخِّرَةٌ لَمْ يَكُونُوا عَلَى الْإِسْلَامِ لَكِنَّ حَدِيثَ أَبِي أُمَامَةَ يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ فِي عَشَرَةِ قُرُونٍ وَزَادَنَا ابْنُ عبَّاس أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ كَانُوا عَلَى الْإِسْلَامِ * وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ مِنْ أَهْلِ التَّوَارِيخِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ قَابِيلَ وَبَنِيهِ عَبَدُوا النَّارَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْقَرْنِ الْجِيلَ مِنَ النَّاسِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015