وسأل زياد «1» عن رجل من أصحابه فقيل: إنه لملازم، وما يغبّ «2» غداء الأمير. فقال زياد: فليغبّه، فإن ذلك مما يضرّ بالعيال. فألزموه الغبّ. فعابوا زيادا بذلك. وزعموا أنه استثقل حضوره، في كل يوم، وأراد أن يزجر «3» به غيره، فيسقط عن نفسه وعن ماله مؤونة عظيمة «4» .
وإنما كان ذلك من زياد على جهة النظر للعيالات، وكما ينظر الراعي للرعية، على مذهب عمر بن الخطّاب رضي الله عنه. وقد قال الحسن:
تشبّه زياد بعمر فأفرط «5» ، وتشبّه الحجاج بزياد فأهلك الناس. فجعلتم ذلك عيبا منه.
وقال يوسف بن عمر لقوّام موائده: أعظموا الثريدة، فإنها لقمة الدرداء «6» . فقد يحضر طعامكم الشيخ الذي قد ذهب فمه، والصبي الذي لم ينبت فمه. وأطعموهم ما يعرفون، فإنه أنجع وأشفى للقرم «7» فقلتم: إنما أراد العجلة والراحة، بسرعة الفراغ، وأن يكيدهم بالثريد، ويملأ صدورهم بالعراق «8» .
وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: سيّد الطعام الثريد. ومثل عائشة في النساء، مثل الثريد في الطعام. ولعظم صفة الثريد في أعين قريش،