على سائر الناس، وفضل أهل مرو على سائر أهل خراسان» .
قال مثنّى بن بشير «1» : دخل أبو عبد الله المروزي على شيخ من أهل خراسان، وإذا هو قد استصبح في مسرجة خزف، من هذه الخزفيّة الخضر. فقال له الشيخ: لا يجيء والله منك، من صالح أبدا. عاتبتك في مسارج الحجارة، فأعتبتني بالخزف. أو ما علمت أن الخزف والحجارة يحسوان «2» الدهن حسوا؟ قال جعلت فداك! دفعتها إلى حريف «3» لي، دهّان، فألقاها في المصفاة شهرا حتى رويت، من الدهن، ريّا لا تحتاج معه أبدا الى شيء. قال: ليس هذا أريد؛ هذا دواؤه يسير، وقد وقعت عليه. ولكن ما علمت أن موضع النار من المسرجة، في طرف الفتيلة، لا ينفكّ من إحراق النار، وتجفيفه، ونشف ما فيه؛ ومتى ابتلّ بالدّهن وتسقاه، عادت النار عليه فأكلته؟ هذا دأبهما. فلو قسمت ما يتشرّب ذلك المكان، من الدهن، بما يستمده طرف الفتيلة منه، لعلمت أن ذلك أكثر. وبعد هذا، فإن ذلك الموضع من الفتيلة والمسرجة، لا يزال سائلا جاريا؛ ويقال إنك متى وضعت مسرجة، فيها مصباح، وأخرى لا مصباح فيها، لم تلبث إلا ليلة أو ليلتين حتى ترى السفلى ملآنة دهنا.
واعتبر أيضا ذلك بالملح الذي يوضع تحت المسرجة، والنخالة التي توضع هناك لتسويتها وتصويبها، كيف تجدهما ينعصران دهنا. وهذا كله خسران وغبن، لا يتهاون به إلا أصحاب الفساد. على أن المفسدين إنما يطعمون الناس، ويسقون ناس، وهم على حال يستخلفون «4» شيئا، وإن كان دونا. وأنت إنما تطعم النار، وتسقي النار، ومن أطعم النار جعله الله يوم القيامة طعاما للنار. قال الشيخ: فكيف أصنع جعلت فداك؟ قال: