البخلاء للجاحظ (صفحة 271)

ولما غزا بسطام بن قيس الشيباني مالك بن المنتفق الضبي، وأثبته «1» عاصم بن خليفة الضبيّ، شدّ عليه فطعنه وهو يقول:

«هذا وفي الحفلة لا يدعوني»

ويروي: «في الجفلة لا يدعوني» . كأنه حقد عليه حين كان يدعو أهل المجلس ويدعه.

والطعام المذموم عندهم ضربان، أحدهما طعام المجاوع والحطمات والضرائك والسباريت «2» واللئام والجبناء والفقراء والضعفاء. من ذلك الفث «3» والدعاع «4» والهبيد «5» والقرامة والقرّة والعسوم ومنقع البرم «6» والقصيد والقدّ «7» والحيّات. فأما الفظ فانه وإن كان شرابا كريها فليس يدخل في هذا الباب، وكذلك المجدوح. فأما الفظ فإنه عصارة الفرث إذا أصابهم العطش في المفاوز؛ وأما المجدوح فإنهم إذا بلغ العطش منهم المجهود نحروا الابل وتلقوا ألبابها بالجفان كيلا يضيع من دمائها شيء؛ فاذا برد الدم ضربوه بأيديهم، وجدحوه «8» بالعيدان جدحا حتى ينقطع، فيعتزل ماؤه من ثقله، كما يخلص الزبد بالمخض والجبن بالأنفحة «9» ، فيتصافنون «10» ذلك الماء ويتبلّغون به، حتى يخرجوا من المفازة. وقال الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015