وإلى مال الإلتقاط، وحباء «1» الملوك، أسرع، وأن الحفظ الى المال المكتسب والغنى المجتلب، وإلى ما يعرض فيه لذهاب الدين، واهتضام العرض، ونصب «2» البدن، واهتمام القلب أسرع، وأن من لم يحسب ذهاب نفقته، لم يحسب الدخل، فقد أضاع الأصل، وأن من لم يعرف قدره، فقد أذن بالفقر وطاب نفسا بالذّل.
وزعمت أن كسب الحلال مضمّن بالإنفاق في الحلال؛ وأن الخبيث ينزع الى الخبيث؛ وأن الطيّب يدعو الى الطيّب؛ وأن الإنفاق في الهوى، حجاب دون الحقوق؛ وأن الإنفاق في الحقوق، حجاز دون الهوى. فعبتم عليّ هذا القول؛ وقد قال معاوية: لم أر تبذيرا قط إلا والى جانبه حق مضيّع. وقد قال الحسن: إذا أردتم أن تعرفوا من أين أصاب ماله، فانظروا في أي شيء ينفقه، فإن الخبيث ينفق في السّرف.
وقلت لكم، بالشفقة مني عليكم، وبحسن النظر لكم وبحفظكم لآبائكم، ولما يحب في جواركم، وفي ممالحتكم، وملابستكم: «أنتم في دار الآفات، والجوائح «3» غير مأمونات؛ فإن أحاطت بمال أحدكم آفة، لم يرجع الى بقية؛ فأحرزوا النعمة باختلاف الأمكنة، فإن البليّة لا تجري في الجميع إلا مع موت الجميع. وقد قال عمر رضي الله عنه، في العبد والأمة، وفي ملك الشاة والبعير، وفي الشيء الحقير اليسير: «فرّقوا بين المنايا» . وقال ابن سيرين لبعض البحريين: «كيف تصنعون بأموالكم» ؟
قال: «نفرّقها في السفن، فإن عطب بعض سلم بعض، ولولا أنّ السلامة أكثر لما حملنا خزائننا في البحر» . قال ابن سيرين: تحسبها «خرقاء «4» وهي صناع» «5» .