كان الأصمعي يقول: قد كان للعرب كلام على معان، فإذا ابتدلت تلك المعاني لم يتكلم بذلك الكلام. فمن ذلك قول الناس اليوم: «ساق إليها صداقها» . وإنما كان هذا يقال حين كان الصّداق إبلا وغنما. وفي قياس قول الأصمعي أن أصحاب التمر، الذين كان التمر دياتهم ومهورهم، كانوا لا يقولون: ساق فلان صداقه» . قال: ومن ذلك قول الناس اليوم: «قد بنى فلان البارحة على أهله» وإنما كان هذا القول لمن كان يضرب على أهله في تلك الليلة قبّته وخيمته، وذلك هو بناؤه.
ولذلك قال الأول:
لو نزل الغيث لأبنين امرءا ... كانت له قبّة سحق بجاد «1»
وكان الأصمعي يعدّ من هذا أشياء ليس لذكرها ههنا وجه.
ومن طعامهم الوكيرة، وهو طعام البناء. كان الرجل يطعم من يبني له، وإذا فرغ من بنائه تبرّك بإطعام أصحابه ودعائهم. ولذلك قال قائلهم:
خير طعام شهد العشيرة ... العرس والإعذار والوكيرة
ويسمّون ما ينحرون من الإبل والجزر من عرض المغنم:
«النقيعة» . قال الشاعر:
إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ... ضرب القدار نقيعة القدّام «2»
و «العقيقة» دعوة على لحم الكبش الذي يعقّ عن الصبي «3» .
والعقيقة اسم للشعر نفسه، والأشعار هي العقائق. وقولهم: عقّوا عنه