البخلاء للجاحظ (صفحة 200)

يكن من بني المغيرة تيّاها فهو سنيد «1» » . وقال سلم بن قتيبة: «إذا رأيت الثقفي يعزّ من غير طعام «2» ، ويكسب لغير إنفاق، فبهرجه ثم بهرجه ثم بهرجه «3» » ، وقال ابن أبي بردة: «لولا شباب ثقيف وسفهاؤهم ما كان لأهل البصرة مال» .

إن الله جواد لا يبخل، وصدوق لا يكذب، ووفيّ لا يغدر، وحليم لا يعجل، وعدل لا يظلم. وقد أمرنا بالجود ونهانا عن البخل، وأمرنا بالصدق ونهانا عن الكذب، وأمرنا بالحلم ونهانا عن العجلة، وأمرنا بالعدل ونهانا عن الظلم، وأمرنا بالوفاء ونهانا عن الغدر. فلم يأمرنا إلا بما اختاره لنفسه، ولم يزجرنا «4» إلا عما لم يرضه لنفسه وقد قالوا بأجمعهم:

«إن الله أجود الأجودين «5» وأمجد الأمجدين» . كما قالوا: «ارحم الراحمين وأحسن الخالقين» . وقالوا في التأديب لسائليهم، والتعليم لأجوادهم: «لا تجاودوا الله فإن الله جل ذكره أجود وأمجد» وذكر نفسه، جل جلاله وتقدست اسماؤه فقال: «ذو الفضل العظيم» و «ذي الطّول لا إله إلا هو» وقال: «ذو الجلال والإكرام» .

وذكروا النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: لم يضع درهما على درهم، ولا لبنة على لبنة، وملك جزيرة العرب، فقبض الصدقات، وجبيت له الأموال ما بين عذار «6» العراق، إلى شحر عمان «7» ، إلى أقصى مخاليف «8» اليمن، ثم توفي وعليه دين، ودرعه مرهونة. ولم يسأل حاجة قطّ فقال: «لا» ؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015