الحمد. والطعام الذي آثرتموه يعود رجيعا «1» ، والشارب يصير بولا، والبناء يعود نقضا «2» ، والغناء ريح هابّة ومسقط للمروءة، وسخافة تفسد، ورنّة تسير «3» . فلذّتكم فيما حوى لكم الفقر ونقض المروءة، ولذتنا فيما حوى لنا الغنى وبنى المروءة، فنحن في بناء وأنتم في هدم، ونحن في إبرام وأنتم في نقض «4» ، ونحن في التماس العزّ الدائم مع فوت بع اللذة وأنتم في التعرّض للذل الدائم مع فوت كل المروءة» .
وقد فهمنا معنى حكايتك، وما لهجت به روايتك. والدليل على انتقاض طباعك «5» وإدبار أمرك، استحسانك ضد ما كنت تستحسن، وعشقك لما كنت لم تزل تمقت، فبعدا وسحقا. ولا يبعد الله إلا من ظلم. والشاعر أبصر بكم حيث يقول:
فإن سمعت بهلك للبخيل فقل ... بعدا وسحقا له من هالك مودي «6»
تراثه جنّة للوارثين إذا ... أودى، وجثمانه للتّرب والدّود
وقال آخر:
تبلى محاسن وجهه في قبره ... والمال بين عدوّه مقسوم
والحمد لله الذي لم يمتنى حتى أرانيك وكيلا في مالك «7» ، وأجيرا لوارثك. وأما أنت فقد تعجّلت الفقر قبل أوانه، وصرت كالمجلود في