لسعيد بن حاتم: «احذر النعمة كحذرك من المعصية، ولهي أخوفهما عليك عندي» . وقال: «أحذّركم عاقبة الفراغ فإنه أجمع لأبواب المكروه من الشغل» . وقال أكثم بن صيفي «1» : «ما أحبّ أني مكفّي كل أمر الدنيا» . قالوا: «وإن أسمنت وألبنت «2» » ؟ قال: «نعم أكره عادة العجز» . أفتراني أدع وصايا الأنبياء وقول الخلفاء وتأديب العرب، وآخذ بقولك؟!
وتغدّى محمد بن الأشعث «3» عند يحيى بن خالد، فتذاكروا الزيت وفضل ما بينه وبين السمن، وفضل ما بين الانفاق وزيت الماء «4» . فقال محمد: «عندي زيت لم ير الناس مثله» . قال يحيى: «لا يؤتى منه بشيء» ؟ فدعا محمد غلامه فقال: «إذا دخلت الخزانة، فانظر الجرّة الرابعة عن يمينك إذا دخلت، فجئنا منه بشيء» . قال يحيى: «ما يعجبني السيد يعرف موضع زيته وزيتونه» .
وقرّب خبّاز أسد بن عبد الله إليه، وهو على خراسان، شواء قد أنضجه نضجا. وكان يعجبه ما رطب «5» من الشواء؛ فقال لخبّازه:
«أتظنّ أن صنيعك يخفى عليّ؟ إنك لست تبالغ في إنضاجه لتطييبه، ولكن تستحلب جميع دسمه، فتنتفع بذلك منه» . فبلغت أخاه فقال:
«ربّ جهل خير من علم» .