وإن ذكروا ميلاد شيء، أو قدوم إنسان قال: «كان ذلك بعد أن أهديتها لك بسنة، وما كان بين قدوم فلان وبين البعثة بتلك الدجاجة، إلا يوم» . وكانت مثلا في كل شيء، وتاريخا في كل شيء.
وأقبل مرّة على محمد بن الجهم «1» ، وأنا وأصحابنا عنده، فقال:
«إني رجل منخرق الكفين «2» ، لا أليق شيئا. ويدي هذه صناع في الكسب، ولكنها في الإنفاق خرقاء. كم تظن من مائة ألف درهم قسمتها على الأخوان في مجلس؟ أبو عثمان يعلم ذلك. أسألك بالله يا أبا عثمان، هل تعلم ذلك؟» ، فقلت: «يا أبا هذيل ما نشك فيما تقول» .
فلم يرض بإحضاري هذا لكلام حتى استشهدني «3» ولم يرض باستشهادي حتى استحلفني.
كان أبو سعيد المدائني إماما في البخل عندنا بالبصرة. وكان من كبار المعيّنين ومياسيرهم، وكان شديد العقل، شديد العارضة «4» ، حاضر الحجّة «5» ، بعيد الرويّة.
وكنت أتعجبّ من تفسير أصحابنا لقول العرب في لؤم اللئيم الراضع، قال أصحابنا: «كلّ لئيم بخيل، وليس كل بخيل لئيما» . لأن اسم اللئيم يقع على البخل، وعلى قلة الشكر، وعلى مهانة النفس، وعلى