قال: وأما قوله:
«رأيت الخبز عزّ لديك حتى»
قال: فإذا لم أعزّ هذا الشيء الذي هو قوام أهل الأرض، وأصل الأقوات «1» ، وأمير الأغذية، فأيّ شيء أعزّ. أي والله، إنّي أعزّه، وأعزّه، وأعزّه، وأعزّه، مدى النفس، ما حملت عيني الماء.
وبلغ من نفجه مع ذلك ما خبّرني به إبراهيم بن هانيء «2» قال: كنت عنده يوما، إذ مرّ به بعض الباعة، فصاح: «الخوخ الخوخ» . فقلت: «وقد جاء الخوخ بعد» ؟ قال: «نعم قد جاء، وقد أكثرنا منه» ، فدعاني الغيظ عليه الى أن دعوت البيّاع، وأقبلت على ابن الخاركي، فقلت: «ويحك نحن لم نسمع به بعد، وأنت قد اكثرت منه؟ وقد تعلم أن أصحابنا أترف منك» ، ثم أقبلت على البياع فقلت: «كيف تبيع الخوخ؟» ، فقال: «ستة بدرهم» . قلت: «أنت ممن يشتري ستّ خوخات بدرهم، وأنت تعلم أنه يباع بعد أيام مائتين بدرهم» ؟
ثم تقول: «وقد أكثرنا منه، وهذا يقول: ستة بدرهم» . قال: «وأي شيء أرخص من ستة أشياء بشيء» .
كان غلام صالح بن عفّان يطلب منه نفطا لبيت الحمار بالليل، فكان يعطيه كل ليلة ثلاثة أفلس، والطسّوج «3» أربعة فلوس. ويقول:
طسّوج يفضل وحبة تنقص وبينهما يرمي الرامي.
وكان يقول لابنه: تعطي صاحب الحمّام وصاحب المعبر لكل واحد منهما طسّوجا، وهو إذا لم ير معك إلا ثلاثة أفلس لم يردّك؟