الأرض وقالوا: كان لونه أدمة لون الأرض، وأن المسيح إنما سميّ المسيح لأنه مسح بدهن البركة. وقال بعضهم: لأنه كان لا يقيم في البلد الواحد، وكان كأنه ماسح يمسح الأرض.
ثمّ رجع الحديث الى أعاجيب أبي عبد الرحمن:
وكان أبو عبد الرحمن «1» يعجب بالرؤوس ويحمدها ويصفها. وكان لا يأكل اللحم إلا يوم أضحى، أو من بقيّة أضحيته «2» ، أو يكون في عرس أو دعوة أو سفرة. وكان سمّى الرأس «عرسا» لما يجتمع فيه من الألوان الطيبة. وكان يسمّيه مرّة «الجامع» ، ومرّة «الكامل» .
وكان يقول: «الرأس شيء واحد، وهو ذو ألوان عجيبة وطعوم مختلفة «3» . وكل قدر وكل شواء فإنما هو شيء واحد، والرأس فيه الدماغ فطعم الدماغ على حدة؛ وفيه العينان وطعمهما شيء على حدة؛ وفيه الشحمة التي بين أصل الأذن ومؤخرّ العين وطعمها على حدة، على أن هذه الشحمة خاصّة أطيب من المخّ وأنعم من الزبد وأدسم من السّلاء «4» ؛ وفي الرأس اللسان وطعمه شيء على حدة، وفيه الخيشوم «5» والغضروف «6» الذي في الخيشوم وطعمهما شيء على حدة؛ وفيه لحم الخدّين وطعمه شيء على حدة» ، حتّى يقسّم اسقاطه الباقية. ويقول:
«الرأس سيّد البدن، وفيه الدماغ، وهو معدن العقل، ومنه يتفرّق