الصدر، وفي ذلك موت الشهوة وتسكين الحركة. ولو أن رجلا جلس على بيدر تمر فائق، وعلى كدس كمثّري «1» منعوت، وعلى مائة قنو موز «2» موصوف، لم يكن أكله إلا على قدر استطرافه، ولم يكن أكله على قدر أكله إذا أتي بذلك في طبق نظيف، مع خادم نظيف، عليه منديل نظيف.
وبعد، فأصحابنا آنسون واثقون مسترسلون، يعلمون أن الطعام لهم اتّخذ، وأن أكلهم له أوفق من تمزيق الخدم والأتباع له. ولو احتاجوا لدعوا به، ولم يحتشموا منه، ولكان لا أقلّ من أن يجرّبوا ذلك المرة والمرتين، وأن لا يقضوا علينا بالبخل دون أن يروناه. فإن كانوا محتشمين وقد بسطناهم، وشاء ظنّهم بنا مع ما يرون من الكلفة لهم، فهؤلاء أصحاب تجنّ وتترّع «3» . وليس في طاقتي إعتاب المتجنّي ولا رد المتترّع.
قلت له: إني قد رأيت أكلهم في منازلهم وعند إخوانهم، وفي حالات كثيرة ومواضع مختلفة، ورأيت أكلهم عندك، فرأيت شيئا متفاوتا وأمرا متفاقما. فاحسب أن التجنّي عليهم غالب، وأن الضعف لهم شامل، وأن سوء الظن يسرع إليهم خاصة، لم لا تداوي هذا الأمر بما لا مؤونة فيه بالشيء الذي لا قدر له، أو تدع دعاءهم والإرسال إليهم والحرص على إجابتهم؟ والقوم ليس يلقون أنفسهم عليك، وإنما يجيئونك بالإستحباب منك. فإن أحببت أن تمتحن ما أقول، فدع مواترة «4» الرسل والكتب، والتغضّب عليهم إذا أبطؤوا، ثم انظر.
قال: فان الخبز إذا كثر على الخوان فالفاضل مما يأكلون لا يسلم من