ونقشت الرشوم «1» والخواتيم «2» ، وتعلّم الحساب والكتاب. فلم يتخذون هذه الوقايات دون المال؛ وأنتم آفته «3» وأنتم سوسه وقادحه «4» ؟ وقد قال الأول: أحرس أخاك إلا من نفسه ولكن أحسب أنك قد أخذته في الجواسق «5» ، وأودعته الصخور، ولم يشعر به صديق ولا رسول ولا معين. من لك بألّا تكون أشد عليه من السارق وأعدى عليه من الغاصب «6» ؟ وأجعلك قد حصّنته من كل يد لا تملكه، كيف لك من أن تحصّنه من اليد التي تملكه، وهي عليه أقدر ودواعيها أكثر، وقد علمنا أنّ حفظ المال أشدّ من جمعه؟ وهل أتي الناس إلا من أنفسهم، ثم ثقاتهم «7» ؟ فالمال لمن حفظه، والحسرة لمن أتلفه «8» . وإنفاقه هو إتلافه، وأن حسّنتموه بهذا الإسم وزيّنتموه بهذا اللقب.
وزعمتم إنما سمّينا البخل إصلاحا والشحّ إقتصادا، كما سمّى قوم الهزيمة انحيازا والبذاء «9» عارضة، والعزل عن الولاية صرفا، والجائر «10» على أهل الخراج مستقصيا «11» . بل أنتم الذي سمّيتم السّرف جودا،