طفيلي الشراب أهون عليّ من طفيلي الطعام.
وقول الناس: «فلان طفيلي» ، ليس من أصول كلام العرب، ليس كالراشن اللّعموظ «1» . وأهل مكة يسمونه البرقيّ.
وكان بالكوفة رجل من بني عبد الله بن غطفان، يسمى «طفيل» «2» : كان أبعد الناس نجعة في طلب الولائم والأعراس، فقيل له لذلك «طفيل العرائس» ، وصار ذلك نبزا «3» له، ولقبا لا يعرف بغيره. فصار كل من كانت تلك طعمته يقال له «طفيلي» . هذا من قول أبي اليقظان «4» .
ثم قال الحارثي:
وأعجب من كل عجب، وأطرف من كل طريف، أنكم تشيرون عليّ بإطعام الأكلة، ودفعي الى الناس مالي. وأنتم أترك لهذا مني. فإن زعمتم أني أكثر مالا، وأعد عدة، فليس بين حالي وحالكم في التقارب، أن أطعم أبدا، وأنتم تأكلون أبدا. فإذا أتيتم في أموالكم من البذل والإطعام، على قدر احتمالكم، عرفت بذلك أن الخير أردتم، وإلى تزييني ذهبتم. وإلا فإنكم إنما تحلبون حلبا لكم شطره. بل أنتم كما قال الشاعر:
يحبّ الخمر من مال الندامى ... ويكره أن تفارقه الفلوس
ثم قال: والله إني لو لم أترك مؤاكلة الناس وإطعامهم، إلا لسوء رعة عليّ الأسواري، لتركته. وما ظنكم برجل نهش بضعة لحم تعرّقا، فبلع ضرسه، وهو لا يعلم. فعل ذلك عند إبراهيم بن الخطاب، مولى