ويهديهم إلى الوصول إليه، وهو شهوده في ذلك النور، طريقا مستقيما توصل إليه في أقرب زمان. ولعل الآية فيها تقديم وتأخير، أي: فسيهديهم إليه طريقًا مستقيمًا يسيرون فيه، حتى يصلوا إليه، ثم يدخلهم في رحمة حضرته، وفضل زيادة معرفته. والله تعالى أعلم.
ثم ختم السورة بميراث الكلالة، لأن آخر أحوال الإنسان الموت فيورث ماله، وكان المناسب ذكر يوصيكم هنا، لكنه أدرجه فى حفظ الأموال لكونه أنسب، فقال:
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)
قلت: (في الكلالة) ، يتعلق بيفتيكم، ويستفتونك، فيكون من باب التنازع، وأعمل الثاني على اختيار البصريين، وعمل الأول في الضمير المجرور حذف، أي: يستفتونك فيها، أو عمل الأول وحذف ضمير الثاني، أو يكون يستفتونك مقطوعًا فيوقف عليه، أو حُذف متعلقة لدلالة الجواب عليه، أي: يستفتونك في الكلالة، وهو أظهر، وتقدم تفسير الكلالة «1» ، إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ: ارتفع بفعل مضمر عند البصريين، من باب الاشتغال في المرفوع.
يقول الحق جلّ جلاله: يَسْتَفْتُونَكَ في الكلالة، والمستفتِي هو جابر بن عبد الله، كان مريضًا فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله. إني كلالة، فكيف أصنع في مالي؟ فنزلت، وهي آخر ما نزل من الأحكام.
قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ، ثم بيَّن الفتوى فيها فقال: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ولا والد، بل انقطع نسبه من الجهتين، وَلَهُ أُخْتٌ شقيقة أو لأب فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ والباقي للعصبة، ولا ميراث لها مع الأب أو الابن، وَهُوَ يَرِثُها إن ماتت ولم يكن لها ولد ولا والد.
فإن استقل فله المال، وإن كان معه ذو سهم أخذ الباقي، فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فأكثر شقائق فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ، وإن كانت شقيقة مع الأب أخذت الشقيقة النصف، والتي لأب السدس تكملة الثلثين، وإن كانت لأب