مدنية، وهى ستة عشر ألف حرف وثلاثون حرفا. وثلاثة آلاف وسبعمائة وخمس وأربعون كلمة. ومائة وستون آية. قاله الثعلبي. وقال البيضاوي: مائة وخمس وسبعون آية.
ومضمنها: الأمر بحفظ ستة أمور: حفظ الأموال، وحفظ الأنساب، وحفظ الأبدان، وحفظ الأديان، وحفظ اللسان، وحفظ الأيمان. بعد أن قدّم الأمر بالتقوى، التي هى ملاك ذلك كله، فقال:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (?)
قلت: من قرأ: (والأرحامَ) بالنصب، فعطف على لفظ الجلالة، أي: اتقوا الأرحام أن تقطعوها، وقرأ حمزه بالخفض على الضمير من (به) كقول الشاعر:
فَالْيَوْمَ قَدْ بتّ تَهْجُونَا وَتَشْتُمُنَا ... فَاذْهَبَ فَمَا بِكَ والأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ «1»
وجمهور البصريين يمنعون العطف على الضمير إلا بإعادة الجار، فيقولون: مررت به وبزيد. وقال ابن مالك:
ولَيْس عِنْدي لاَزمَا إذْ قَدْ أَتَى ... في النَّظْم والنَّثْر الصَّحِيح مُثْبَتَا.
والنثر الصحيح هو ما قرأ به حمزة، وهذا هو التوجيه الصحيح، وأما من جعل الواو للقسم فبعيد.
يقول الحق جلّ جلاله: يا أَيُّهَا النَّاسُ أي: جميع الخلق، اتقوا ربكم فيما كلفكم به، ثم بيَّن موجب التقوى فقال: الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ يعني آدم، وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها يعني حواء، من ضلع من أضلاعه، وَبَثَّ أي: نشر مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً أي: نشر من تلك النفس الواحدة بنين وبنات. قال البيضاوي: واكتفى بوصف الرجال بالكثرة عن وصف النساء، إذْ الحكمة تقتضي أن يكنَّ أكثر، وذكر: كَثِيراً