وقال الثاني:
قام طويلاً ساكتاً
حتى إذا أعيا سجد
وقال الثالث:
يزْحَرُ في محرابه
زحيرَ حُبْلى بوتد
وقال الرابع:
كأنما لسانه
شُدّ بحبلٍ من مسد
والمعنى: في جيدها حبل مما مُسد من الحبال، وأنها تحمل تلك الحزمة من الشوك، وتربطها في جيدها، كما يفعل الحطّابون، تحقيراً لها، وتصويراً لها، بصورة بعض الحطّابات، لتجزع من ذلك، ويجزع بعلُها، وهما من بيت الشرف والعزّ.
رُوي أنها لمّا نزلت فيها الآية أتت بيتَه صلى الله عليه وسلم، وفي يدها حجر، فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه الصدّيق، فأعماها اللهُ عن رسول صلى الله عليه وسلم ولم ترَ إلاّ الصدّيق، قالت: أين محمد؟ بلغني أنه يهجوني، لئن رأيته لأضربن فاه بهذا الفِهر. هـ. ومن أين ترى الشمسَ مقلةٌ عمياء، وقيل: هو تمثيل وإشارة لربطها بخذلانها عن الخير، ولذلك عظم حرصها على التكذيب والكفر. قال مُرة الهمداني: كانت أم جميل تأتي كل يوم بحزمة من حسك، فتطرحها في طريق المسلمين، فبينما هي ذات ليلة حاملة حزمة أعيت، فقعدت على حجر لتستريح، فجذبها الملك من خلفها بحبلها فاختنقت، فهلكت. هـ.
الإشارة: إنما تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ، وخسر، وافتضح في القرآن على مرور الأزمان، لأنه أول مَن أظهر الكفر والإنكار، فكان إمام المنكِرين، فكل مَن بادر بالإنكار على أهل الخصوصية انخرط في سلك أبي لهب، لا يُغني عنه مالُه وما كسب، وسيصلى نارَ القطيعة والبُعد، ذات احتراق ولهب، وامرأته، اي: نفسه، حمّالة حطب الأوزار، في جيدها حبل من مسد الخذلان. وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله.