يقول الحق جلّ جلاله: {تَبَّتْ} ، أي: هلكت {يَدَا أبي لهبٍ} هو عبد العزى بن عبد المطلب، عم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وإيثار لفظ التباب على الهلاك، وإسناده إلى يديه، لِما رُوي أنه لمّا نزل: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ (214) } [الشُّعَرَاء: 214] رقى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصفا، وقال: " يا صباحاه " فاجتمع إليه الناسُ من كل أوب، فقال: " يابني عبد المطلب! يابني فهر! أرأيتم إن أخبرتكم أنَّ بسفح هذا الجبل خيلاً أكنتم مصدقي؟ " قالوا نَعَمْ، قال: " فإني نذير لكم بين يديْ عذابٍ شديدٍ " فقال أبو لهب: تبًّا لك سائر اليوم، ما دعوتنا إلاّ لهذا؟ وأخذ حجراً ليرميه به عليه الصلاة والسلام، فنزلت، أي: خسرت يَدَآ أَبِي لَهَبٍ {وتَبَّ} اي: وهلك كله، وقيل: المراد بالأول: هلاك جملته، كقوله: {بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الحج: 10] . ومعنى " وتَبَّ ": وكان ذلك وحصل، ويؤيده قراءة ابن مسعود " وقد تب ". وذكر كنيته للتعريض بكونه جهنميًّا، لاشتهاره بها، ولكراهة اسمه القبيح. وقرأ المكي بسكون الهاء، تخفيفاً.
{ما أَغْنَى عنه مالُه وما كَسَبَ} أي: لم يُغن حين حلّ به التباب، على أنّ " ما " نافية، أو: أيّ شيء أغنى عنه، على أنها استفهامية في معنى الإنكار، منصوبة بما بعدها، أي: ما أغنى عنه أصل ماله وما كسب به من الأرباح والمنافع، أو: ما كسب من الوجاهة والأتباع، أو: ماله الموروث من أبيه والذي كسبه بنفسه، أو: ما كسب من عمله الخبيث، الذي هو كيده في عداوته عليه الصلاة والسلام، أو: عمله الذي ظنّ أنه منه على شيء،