الإشارة: أقسم تعالى بأرواح المتوجهين، التي تعدو على الخواطر الردية، فتمحوها بقهرية المراقبة، وتقدح من زند القلب نور الفكرة والنظرة، وتُغِير على أعدائها من الدنيا والهوى والنفس والشيطان، فتقهرهم بسيوف المخالفة عند سطوع المشاهدة، وتُثير غبار المساوىء والذنوب بريح الهداية والتوبة، فيذهب في الهواء، وتوسط جمعاً من العلوم والأسرار، فتحوزهم في خزانة قلبها وسِرها، غنيمةً وذخيرةً، وجوابه: إنّ الإنسان لربه لكنود، مع أنه مغروق في النعم، وهو لا يشعر ولا يشكر، لغفلته وعدم تفكُّره، وهذا الإنسان هو الغافل الجاهل.
قال الورتجبي: الإنسانُ لا يعرف ما أعطاه الله من نعمه بالحقيقة، وإنه لكفور إذ لا يعرف مُنعمه، ثم قال عن الواسطي: الكنود يعدّ ما مِنه من الطاعات، وينسى ما مّن الله به عليه من الكرامات. هـ. وإنه على ذلك لشهيد؛ يشهد كفره وعصيانه وبُخله بحسب جبلته، وإنه لِحُب الخير لشديد، يأثره على معرفة مولاه، فخسر خسراناً مبيناً، أفلا يعلم ما يحلّ به إذا بُعثر ما في القبور، فتظهر الأبطال من الأرذال، وحُصِّل ما في الصدور من المعارف وأنواع الكمال، إنّ ربهم بهم يومئذ لخبير، فيُجازي أهلَ الإحسان وأهل الخذلان، كُلاًّ بما يليق به. وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.